ربما لن نتعلم مطلقا!

فرق كبير بين الفهم النظري لوضع ما والقدرة على صياغة موقف بناء على هذا الفهم. على عكسنا تماما، إسرائيل تبدي فهما نظريا ثم تعمل على صياغة مواقف تعاظم من مكتسباتها وتدفع «الأذى» عن نفسها وتحمي مصالحها.
لقاء هيلاري كلنتون مع نتنياهو جاء في أعقاب تكون إنطباع بين طيف واسع من المحللين بأن الانتخابات النصفية أضعفت أوباما في التعامل مع إسرائيل فيما يخص عملية السلام. وبالفعل إلتقى نتنياهو مع الجمهوري اريك كانتور- المنتظر أن يكون زعيما للأغلبية في الكونغرس- ليبعث برسالة واضحة تفيد بأنه يفهم النظام الأميركي جيدا وأنه بصدد توظيف الكونغرس ليشكل عامل ضغط مضاد للبيت الأبيض.
ما تمخض عنه لقاء هيلاري- كلينتون يثبت مرة أخرى أن الإدارة ليست بصدد القيام بأي عمل جدي، فمع أنها تسعى لأن تستجيب لمهلة الشهر التي منحتها الجامعة العربية للولايات المتحدة- والتي شارفت على الإنتهاء- إلا أن كل ما يمكن لها فعله هو تقديم حوافز لقاء موافقة الحكومة الإسرائيلية على تجميد الاستيطان في الضفة الغربية- وليس القدس الشرقية- لمدة تسعين يوما على أن لا يجدد التجميد بعد إنتهاء مدة الثلاثة أشهر.
لقاء ذلك، قدمت الولايات المتحدة صفقة طائرات متقدمة من طراز إف 32 وضمانات أمنية، ثمن كبير لقاء تنازل بخس! وهناك تعهدات أميركية ليس لها مثيل في حال التوصل لإتفاق مع الفلسطينيين. كل ما تريده إسرائيل الآن هو التوصل لصيغة تطلق العنان ليد إسرائيل لاستكمال الأنشطة الإستيطانية بعد ثلاثة أشهر، وهي بطبيعة الحال غير مستعدة للتوصل لإتفاق سلام إلا بالمقاس الإسرائيلي الذي ليس له زبائن في منطقتنا العربية.
الدرس الذي تعلمنا إياه إسرائيل هو أن تلقيها كما هائلا من المساعدات الأميركية لا يعني قبول إسرائيل بالضغط الأميركي الذي بقدرة قادر تحول إلى حوافز! الدرس هو لتيار رهن مستقبل المنطقة لما تقدمه واشنطن في وقت تلحق واشنطن الضرر ب «أصدقائها» في المنطقة. ربما علينا إعادة النظر في مقولة السادات الشهيرة بأن 99% من مفاتيح الحل هي بيد الولايات المتحدة. فالراهن أن أميركا- بمنعها الأوروبيين من التدخل وبمحاباتها إسرائيل- إنما تحولت لتكون جزءا كبيرا من المشكلة في الشرق الأوسط، وهذا هو الدرس الحقيقي الذي على بساطته لا يبدو أن زعماء المنطقة استبطنون بعد. (الراي)