نحن وحرب العملات

في العالم اليوم حرب عملات علنية بين جانبين: الأول هو أميركا التي تطبع دولارات بالمليارات، والثاني هو الصين وإلى حد ما أوروبا التي تدرك سعي أميركا لحل مشاكلها على حساب اقتصاديات العالم.
الدولار ليس عملة أميركا وحدها، بل عملة العالم، حيث تحتفظ دول العالم باحتياطات مالية يشكل الدولار 62% منها. ومع ذلك فإن العملة العالمية وأداة التعامل والادخار على صعيد العالم تؤخذ قراراتها بشكل انفرادي من دولة واحدة هي الحكومة الأميركية وبنكها المركزي.
الدولار الذي يملكه العالم يشكل التزاماً على أميركا، وعندما يذوب الدولار تذوب معه ثروات العالم وادخاراته، وتنخفض التزامات أميركا تجاه العالم، أي أن العملية تمثل نقل الثروة من دول العالم إلى أميركا.
عندما ينخفض سعر الفائدة على الدولار إلى ربع الواحد بالمائة، فإن ثروات العالم بالدولار، المستثمرة بشكل أذونات وسندات الخزانة الأميركية، تفقد عوائدها. أي أن العالم مطالب بسـد العجز المالي لأميركا بإقراضها المال بدون فائدة، بل بفائدة حقيقيـة سالبة إذا كان معدل التضخـم أعلى من سعر الفائدة الاسمي كما هو الحال.
وعندما ينخفض سعر الدولار تجاه العملات الأخرى تحقق أمريكا ميزة تنافسية وتصبح صادراتها رخيصة في نظر العالم ومستورداتها من العالم غالية نسـبياً في نظر المستهلك الأميركي؟ كذلك فإن الأميركيين لم يعودوا قادرين على السياحة في أوروبا، في حين يتدفق السياح الأوروبيون على أميركا لنفس السبب.
لم يأخذ الأردن موقفاً تجاه حرب العملات، فعلاقاته المالية والسياسية تحول دون انحيازه في حرب العملات. عدم التدخل هذا والامتناع عن اتخاذ أي إجراء لا يحسب تقصيراً، بل هو الموقف الذي يحقـق مصالح الأردن، فارتباط الدينار بالدولار المخفض يعني أن يحقق الأردن منافع تجارية، ويحقق البنك المركزي أرباح فرق عمله على موجوداته من غير الدولار، وتنخفض مديونية الأردن أو لا ترتفع إذا كانت محـررة بالدولار أو العملات الخليجية المقومة بالدولار.
ارتفاع سـعر صرف العملة الأوروبية واليابانية سيسبب قدراً من التضخم المحلي، ولكن استيراد الأردن سيتحول تدريجياً من أوروبا واليابان إلى مصادر أخرى كالصين والهند وباقي دول جنوب شرق آسيا التي ترتبط عملاتها بالدولار. (الراي)