وماذا بعد ...!

تم نشره الأربعاء 08 تشرين الثّاني / نوفمبر 2017 05:50 مساءً
وماذا بعد ...!
عبدالرحمن "محمدوليد" بدران

تقول الأسطورة اليونانية عن بروكرست أنه كان حداداً يدعو زواره للمبيت عنده ثم يضعهم على سرير في بيته، فمن زاد طوله عن السرير بتر الزائد منه، ومن كان أقصر منه مد أطرافه حتى تتمزق، والشخص الوحيد الذي كان ينجو منه هو الذي يناسب مقاسه السرير تماماً.

وهنا نتسائل ألا تذكرنا هذه الأسطورة بشئ ما، شئ رأينا مثله في واقعنا الذي نعايشه في أي من الأوقات، أو رأيناه ربما في أذهاننا نحن أو ذهن أحد نعرفه.

ذلك السرير الذي لا يقبل لأحد أن يختلف عنه فنعمل من خلاله على "قصقصة" أفكار الغير حتى تصبح مثلما نريدها نحن تماماً، ولو بحشرها بالقوة في صورة نخلقها في أذهاننا لنتخلص من كل مالا يتوافق معها.

سؤال تبادر لأذهاننا عند مرورنا بهذه الأسطورة، خصوصاً ونحن نرى ما يدور حولنا في مجتمعاتنا من مشاجرات ومشاحنات وحقد وكراهية وضغينة تتزايد وتتعاظم بين البعض لأصغر الأسباب، فقط لأن أصحابها لم ينجحوا في التخلص من "سرير بروكرست" والاطاحة به بعيداً خارج عقولهم.

ذلك السرير الذي يقف في وجه حقيقة أن نحترم إختلاف غيرنا عنا، وتذكر أن للناس مقاسات وأجساد وعقول ورؤى مختلفة بالضرورة ستكون مختلفة عنا.

ولعل من أجمل ما يذكرنا بضرورة نبذ "سرير بروكرست" وما شابهه من أفكار، وتأكيد حتمية وجود الاختلافات بين البشر وضرورة إحترامها قول الله عزوجل في الآية 13 من سورة الحجرات في القرآن الكريم: {{يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير}}، وهو الأمر ذاته الذي جاءت به كافة الأديان السماوية وحثت على معانيه.

 وما أروع أن يقودنا إختلافنا إلى ما ذكره يونس الصدفي عن نتيجة إختلافه مع الامام الشافعي رحمه الله: (ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يوماً في مسألة، ثم افترقنا، ولقيني بعدها، فأخذ بيدي، ثم قال: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة)، فما أرقى الاختلاف عندما يزهر محبة وإحتراماً في القلوب، ويمنع أي خلاف أو إساءة أن تجد لها مكاناً بين أطرافه.

ولذلك يبقى من الحكمة أن نسأل أنفسنا مع بداية كل نقاش: وماذا بعد ؟

هل بعد هذا النقاش إحترام إختلاف آراء بعضنا البعض وتقدير ذلك، والمحافظة على الود والمحبة بيننا وبين من يختلف معنا بل والاستفادة من إختلافنا معه، أم خسارة كل طرف للآخر والتفنن في الاساءة له، وملأ القلوب بالضغائن والكراهية والأحقاد بدلاً من ذلك.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات