العيد وسعيد ، والشدو الفيروزي لمكة

من خلال الغناء والاوبريت والمسرحيات الغنائية رسم الرحبانية مع فيروز وبصوتها الملائكي صورة رائعة رصدت تقريبا كل حالة انسانية كما ان كل مسرحية غنائية عالجت قضية وطنية وانسانية كبرى وبالاضافة لذلك فقد غنت فيروز لكثير من العواصم والمدن القائمة والمدن التاريخية مثل بترا يا درع الصحرا حسب فيروز وكذلك بعلبك وتدمر.. و.. و..
اكثر ما غنت فيروز هو ما غنته لدمشق من شعر سيد الكلمة الشعرية واجمل ما قال في عاصمة الامويين:
امويون فان نهت بهم ...... الحقوا الدنيا ببستان هشام
وقال سعيد عقل وغنيت فيروز لدمشق التاريخ والمعنى ايضا:
قرأت مسجدك في قلبي وفي الكتب
شام ما المجد انت المجد لم يغب
اذا على بردى حور تأهل بي
احسست اعلامك اختالت على اشهب
وغنت فيروز لنهر الاردن وللعودة لفلسطين:
سنرجع يوما الى حينا ونغرق في دافئات المنى
وغنت للقدس يا درب من مروا الى السماء ، وتذكرت شوارع القدس القديمة قدام الدكاكين اللي بقيت من فلسطين ، كما غنت لمكة المعنى والروح ، والى عيد الاضحى ورمزية الاضحية والفرح بالعيد الذي تشدو له: "والعيد يملأ اضلعي عيدا".
سعيد عقل وكمداخلة بين قوسين اذكر ان الشاعر نزار قباني قال لي ذات مرة: لا يوجد شاعر عربي في العصر الحديث لم يأخذ من سعيد عقل واكد انه يقصد ان يقول اخد ولا يقول تأثر،، وتقريبا سمعت نفس هذا الكلام من المرحوم محمود درويش.
كتب سعيد عقل قصائد كثيرة لدمشق غنتها فيروز وظل يردد "وعليك عيني يا دمشق فمنك ينبثق الصباح" وكان مؤمنا بارتباط لبنان بالشام متغنيا بذلك قائلا "يا ربي لا تتركني وردا ولا تبقي اقاحا مشت الشآم الى لبنان شوقا والنتاحا.
ولعل سعيد عقل هو ابرع من جعل الكلمة الشعرية غناء بلا لحن فما بالك عندما يلحنها الرحابنة وتشدو بها فيروز لمكة قلب العالم ومركزه ونقطة اتصال الارض بالسماء عبر صلوات الحجيج وجلال المكان والزمان كما تشدو به فيروز:
غنيت مكة أهلها الصيدا والعيد يملؤ أضلعي عيدا
وأعز رب الناس كلهم بيضا فلا فرقت أو سودا
لو رملة هتفت بمبدعها شجوا لكنت لشجوها عودا
و أعز رب الناس كلهم بيضا فلا فرقت أو سودا
الأرض ربي وردة وعدت بك أنت تقطف فاروي موعودا
لو رملة هتفت بمبدعها شجوا لكنت لشجوها عودا
ضج الحجيج هناك فاشتبكي بفمي هنا يغر تغريدا
و أعز رب الناس كلهم بيضا فلا فرقت أو سودا
لا قفرة إلا و تخصبها إلا و يعطي العطر لاعودا
الأرض ربي وردة وعدت بك أنت تقطف فاروي موعودا
وجمال وجهك لا يزال رجا ليرجى و كل سواه مردودا . (الدستور)