تربية الأمل!

تم نشره الإثنين 13 تشرين الثّاني / نوفمبر 2017 01:26 صباحاً
تربية الأمل!
حلمي الأسمر

-1-
في أمل؟ يسألني صاحبي، فأجيب بشرود أشبه ما يكون بشرود اليائس: بلى، دائما هناك أمل، حينما تشتد حلكة الليل، يقترب الفجر، أول خيوط النهار تشق طريقها والسماء شديدة السواد!
قال لي: هذا كلام الشعراء، لا المحللين السياسيين، ولا أصحاب الرؤية، ولا الأكاديميين!
قلت: صحيح، ولكنكم تنسون، أنتم معشر الناعقين بالخراب، أن أعمار الأمم لا تقاس بأعمار الأفراد، ومع هذا اليك يا هذا، ما قلت يوما، وربما نسيتَه أو حتى لم تهتم به...
المبشرات ببدء عصر عربي جديد كثيرة، وهي ليست من باب قراءة الفنجان أو الضرب بالودع، بل تستند إلى رؤى علمية حقيقية، كما أنها ليست رؤية رغائبية ترتبط برغبة داخلية في أعماق كل منا بالانتقال من الحال الأسوا إلى الحال الأحسن، أنا لا أحلم ولا اجمّل الواقع القبيح حينما أقول إننا على مشارف زمن عربي جميل، كامل البهاء، خال من الكذب والدجل والعنتريات الفارغة، زمن لا يخجل فيه أناس من الصراخ في وجه إخوة لهم قائلين: أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ، وهذه قمة الصراحة، والانسجام مع الذات، حين تعجز عن التعايش مع العفاف والنقاء والصفاء والفضيلة، ولا تخجل من المجاهرة بكراهية الطهارة، وتفضيل النجاسة عليها، وهذه مرحلة متقدمة من مراحل الانسجام مع الذات، وتمزيق الأقنعة، والإسفار عن الوجه الحقيقي، لصاحب مثل هذا الموقف، بعد أن أمضى زمنا طويلا وهو يدعي الطهر والعفاف والتقى، وهو غير ذلك، ومعنى إسفاره عن حقيقته أن زمن الخداع ولى، فلم يعد الناس ينتظرون منه حمايتهم، أو صد أعدائهم عنهم، أو تحرير فلسطين، ومنع الصهاينة من هدم الأقصى، وتخريب القدس الشريف، وكل هذا يعني في النهاية أن على كل من يريد أن يعيش كريما معززا موفور الكبرياء أن  «يدير باله ع حاله»  ولا ينتظر نجدة من أحد، فلا يجلس في البيت مترقبا الفرج وهو يحتل الخبر الأول في نشرة أخبار التلفزيونات الرسمية، فمثل هذا الخبر لن يأتي، وبالتالي لا جدوى من الانتظار، وكل واحد يقلع شوكه بيده!
هذه أولى المبشرات..
ثاني المبشرات، حين يتوحد خطاب الأعداء مع خطاب من كنت تظن أنهم إخوانك، يعني في الزمن الماضي، زمن الانحطاط العربي، كنت تسمع راديو إسرائيل يردح ضد المقاومة ويسمي الفدائيين مخربين وإرهابيين، اليوم بوسعك أن تسمع هذه الأوصاف للفدائيين أنفسهم، من قبل ردايووات ومحطات تلفزة ووكالات أنباء تصدر من بلاد عربية قحة، وبلغة عربية سليمة لا تشوبها خاء تحتل مكان الحاء، وهذا يعني أن عصر الكذب ولى، ومن اليوم وطالع لا يوجد إلا الصراحة، وكشف مكنونات الصدور، بكامل احقادها وسوادها وقبحها، يعني «أنت يا مواطن يا بسيط» لم يعد ثمة من مجال للضحك على ذقنك، وإفهامك أن هناك فرقا بين خطاب شلومو وسليم، أو موشيه وموسى، فيا مرحبا بزمن الصراحة والوقاحة، وانهيار الأقنعة والأكاذيب وخطابات النصب والدجل، زمن عربي جميل فعلا يعرف الجاهل قبل الذكي الفصيح من عدوه ومن أخوه وصديقه، بعد أن انقسم الناس إلى فسطاسين، لا لون رماديا بينهما!
-2-
سألت صاحبي: هل اقتنعت؟ لم يجب، فقلت له ما قال درويش يوما:
هنا، عند مُنْحَدَراتِ التلالِ، أمام الغروبِ وفُوَّهَة الوقت،
قُرْبَ بساتينَ مقطوعةِ الظلِّ،
نفعلُ ما يفعلُ السجناءُ،
وما يفعلُ العاطلونَ عنِ العمَلْ:
نُرَبِّي الأمَلْ!

الدستور 2017-11-13



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات