ماء زمزم وإيران .. وحماس !

تم نشره الأحد 19 تشرين الثّاني / نوفمبر 2017 01:41 صباحاً
ماء زمزم وإيران .. وحماس !
د.فطين البداد

يعتقد مطبخ السياسات الإيراني  بأن إعادة  تسويق إيران في الوطن العربي والإسلامي كنصير لفلسطين والمقاومة والقدس إلخ .. بات ممكنا الآن بعد التطورات التي وقعت في الجانب الفلسطيني وتسليم حماس مقاليد غزة الإدارية والمدنية للسلطة الفلسطينية عقب حصار العشر سنوات وتعرض سكان القطاع لحروب  وضغوط تنوء بحملها الجبال . 

فبوجود حماس في حضنها الدافئ ، وبوجود العاروري ، القائد العسكري الحمساوي الأهم في حضن نصر الله بالضاحية الجنوبية ، وإعادة خطابها التعبوي المبني على دعاية محاربة إسرائيل وتحرير الأقصى في ظل تهافت عربي على السلام ، وفق ما يروج له نظام الملالي ،  بات من المعقول الآن  إعادة إحياء فكرة  أن إيران هي الدولة الإسلامية الوحيدة التي تقارع إسرائيل   ، ولعل ذلك هو - بعينه - لب  مخاوف العرب المعتدلين الذين اطمأنوا إلى أن إيران بحاجة إلى معجزة لإعادة تحسين صورتها لدى الجماهير العربية والإسلامية بعد أفاعيلها في المنطقة ، ومن هنا ، فإن  حماس " السنية "   هي الأنسب والأكثر إقناعا  لتسويغ أن إيران ليست طائفية ،  لإنها تدعم حركة سنية مقاومة ، تماما كما تدعم حركة شيعية مقاومة هي حزب الله والحوثيين " المظلومين " الذين يعتدي عليهم العرب ويريدون اجتثاثهم ، وفق المزاعم إياها ، مع أن الأغلبية الزيدية في اليمن ليسوا أثني عشريين ولا يشترون فكرة الولي الفقيه بريال قديم .

من جهة  حماس ، فإن هذه الحركة التي لم تفك ارتباطها بإيران  حتى في أحلك الظروف التي مرت بها  ، بما في ذلك علاقة الحركة مع نظام الأسد  وجدت نافسها عاجزة عن الإستمرار في حكم غزة بعد تدمير القطاع وفقدان السيطرة على الناس بسبب الضغوط اليومية التي لا تنتهي  ، فكان من الأسلم لها الخضوع للشروط المصرية والإسرائيلية والدولية ووضع المسؤوليات كاملة على عاتق سلطة رام الله ، والتي ، وبرغم جسامة مهمة إعادة البناء والتعليم والصحة والرواتب ، إلا أنها ستستفيد  هي الأخرى من هذا التحول عندما تنهي شروط المانحين بأن أي دولار لن يقدم للسلطة إذا كانت ستنفق على حماس في القطاع وما إلى ذلك من اعتبارات حددها تصنيف الحركة على لائحة الإرهاب وما يشكله هذا من عبء إضافي   ، أي أن كل دولار ستنفقه السلطة على غزة  سيأتي بدلا منه عشرة دولارات ، طالما أن حماس الآن لا تحكم وتخضع لإعادة تقييم فلسطينية وعربية ودولية  بل وإسرائيلية ، وفات الجميع ،وهنا أذكر ، بأن كل ذلك لن يكون سهلا  إلا بعد التخلص من سلاح الحركة كما سبق وكتبنا في هذا الموقع . .

ولكن الغباء السياسي ، والإستراتيجي الذي يبدو أن قادة حماس لا زالوا واقعين فيه ، رغم تجربة  استراتيجيتهم الفاشلة في تحرير فلسطين والقدس ، تجسد أكثر ما تجسد باندلاق الحركة بقيادتها الجديدة " السنوار وغيره " في الحضن الأيراني دون أدنى حساب لما يمكن أن يتبع ذلك من خسارات أخرى للحركة على الصعيد العربي والدولي ، مما أكد بأن قادة حماس لا يتعلمون من أخطائهم ، شأنهم شأن جماعة الإخوان التي دأبت في الآونة الأخيرة على مراجعة كل مواثيقها المعلنة وغير المعلنة وأدبياتها التاريخية ، ولكن بعد خراب مالطا وتلقيها ضربات قاتلة في أكثر من مكان ، ولذلك  فقد  بات المواطن الغزي يسأل هذه الأيام : لماذا خضنا كل تلك الحروب وتكبدنا كل هذه الأرواح وهذا الدمار وهذه الخسائر ، إذا كانت النتيجة تسليم غزة لسلطة  اتفاق  أوسلو الذي  احتلت حماس غزة بسببه ، والذي يفرط بلا شك بالحقوق الفلسطينية والعربية التاريخية في فلسطين المحتلة ؟؟.. 

وكما قلنا ، فإن مما لا شك فيه ، أن الأيرانيين سيستخدمون حماس مرة أخرى لإعادة إنتاج سمعتهم  في المنطقة من جديد ، مما يتطلب وعلى الفور إعداد استراتيجية عربية رسمية وشعبية موحدة لإفشال الخطة الإيرانية من خلال جميع الوسائل المتاحة ، وأولها الإعلام بشتى صوره بما فيه الإعلام الإجتماعي ،  الذي يجب أن يكون واعيا لحقيقة الماكينة الإعلامية الإيرانية التي تنشط هذا الأوان ليبتلع الناس هذه الفرية الجديدة عن أن إيران مع المظلومين والمحتلة أراضيهم في فلسطين واليمن وإين ما شئتم .

إنه ومما لا  شك فيه للأسف ، أن  المشكلة في الإعلام العربي ، الرسمي وغير الرسمي ، أنه يهاجم الأيرانيين على طريقة "الفزعة " بينما يرسم نظام الملالي الذكي والخبيث خططه ويترجمها على الأرض لتكون أكثر إقناعا ، ويكفيه " شرفا " بالنسبة له ووفق مقاساته ، أن يعتبر العرب والعالم  حركة حماس حركة إرهابية ، بينما يعتبرها هو حركة مقاومة ويمدها بالمال والسلاح والحماية .

المطلوب صحوة إعلامية وإحباط محاولة إيران وحلفائها  في سوريا " النظام " وحماس " فلسطين " و " حزب الله " - لبنان -  والحشد الشيعي - العراق  والحوثي - اليمن -  والآن  الحليف القديم الجديد  ميشيل عون  وغيرهم : المطلوب إحباط محاولتهم  إعادة عقارب الساعة إلى الوراء  ، لأن  جراح العراقيين واليمنيين والسوريين لا زالت تنزف بفعل إجرام ملالي طهران وولوغهم في الدم العربي والسني حتى الثمالة .

هو مجرد نداء وتحذير ، نأمل أن يجد آذانا صاغية تعي خطورة تعميد الملالي بماء زمزم ، في وقت ترشح  فيه جباتهم  وعمائمهم دما بريئا قانيا رسم أنهارا جديدة في خريطة الموت والآلام والضياع العربي المبين في هذا الزمن الأحمر ..

والأغبر !. 

د.فطين البداد

جي بي سي نيوز 2017-11-19



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات