مكتب منظمة التحرير..."عقوبات وقائية"

تم نشره الثلاثاء 21st تشرين الثّاني / نوفمبر 2017 12:27 صباحاً
مكتب منظمة التحرير..."عقوبات وقائية"
أحمد جميل عزم

يرقى التلويح بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، بما يمكن تسميته عقوبات وقائية   punishment preventative، حيث تعاقب سلفاً، أو على الأقل يجري إخبارك بالعقاب سلفاً، إذا لم تقم بالانصياع. ويمكن فهم هذا التلويح، بالرغبة بوضع الفلسطينيين بوضع الجمود "pause"، بغض النظر عن أي فعل إسرائيلي، وأي (عدم فعل) أميركي.  
بحسب ما أبلغت وزارة الخارجية الأميركية للجانب الفلسطيني، فإنّه سيجري إغلاق مكتب منظمة التحرير ، "إلا إذا دخلت في محادثات سلام جادة مع إسرائيل". ويجب أن يبت الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالأمر، خلال تسعين يوماً، ليقرر ما إذا دخل الفلسطينيون بمفاوضات جادة أم لا. 
والغريب أنّ التقارير الإخبارية، تقول إنّ المسوّغ لهذا التوجه، أنّ وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، قرر أنّ الفلسطينيين اقتربوا من مخالفة قانون أميركي يتضمن إقفال مكتب المنظمة إذا قرر الفلسطينيون الذهاب إلى محكمة الجنايات الدولية، ودعوا لمحاكمة الإسرائيليين، أو حتى دعموا محاكمتهم، في جرائم "مزعومة" ضد الفلسطينيين. ما يعني أنّ الجانب الأميركي يريد أن يعاقب الفلسطينيين على التفكير في محاكمة الإسرائيليين، ولكن الطلب المباشر هو الدخول في عملية تفاوض جادة. 
بالتأكيد أنّ الأمرين في المحصلة أمر واحد، هو أنّه على الفلسطينيين الالتزام تماماً بالقواعد التي تحددها الإدارة الأميركية (التي هي أيضاً استجابة للطلبات والمواقف الإسرائيلية)، وهذه المطالب هي أنّه لا يسمح بأي شيء سوى المفاوضات غير المحددة بزمن، وغير الملزمة، بدون مرجعيات دولية، وبشكل ثنائي إسرائيلي فلسطيني ولا شيء سوى ذلك. فلا يسمح بمقاومة من أي نوع، حتى دعوات مقاطعة وتطبيع المستوطنات، ولا يسمح بالذهاب للأمم المتحدة. 
اللافت (وإن كان ليس غريباً) أنّ "الجميع" يعلم أنّه في المرحلة الحالية هناك انتظار من قبل سائر الأطراف، وخصوصاً الفلسطينيين، للوعد الأميركي بالعمل على إطلاق عملية تسوية وسلام وعدَ بها موفدو الإدارة الأميركية الذين زاروا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قبل موعد الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأيّام، وبالتالي يصبح السؤال لماذا التلويح بعقوبة بشأن موقف فلسطيني لم يحن موعده؟. 
هناك عدّة تفسيرات ممكنة، الأول، أنّ القرار جاء بناء على الضغوط الإسرائيلية، وضغوط اللوبي الإسرائيلي، في الولايات المتحدة الأميركية، الذي يبحث عن أي خطوة يمكن فيها تقزيم الحضور الفلسطيني دولياً. والثاني، وهو لا يتعارض مع الأول، أن الإنذار طريقة لقطع الطريق على رفض فلسطيني للمقترحات التي ينوي الأميركيون تقديمها، أو لقطع الطريق على أي تحرك فلسطيني في حال لم يطرح الأميركيون أي شيء.   
لقد كانت إدارة الحزب الجمهوري للرئيس جورج بوش الابن، (2002 - 2009)، التي ابتدعت ما سمي بالحرب الوقائية، بديلا من فكرة الحرب الاستباقية (preemptive war)، والحرب الاستباقية تبدو مقبولة حتى في القانون الدولي، وهي تعني توجيه ضربة للخصم إذا تأكد أنّه في طريقه لمهاجمتك، أما الحرب الوقائية، فهي بهدف منع تطور هذه القدرات مستقبلا. ولكنّ الفلسطينيين لا يرغبون بتوجيه حروب، بل يحاولون فقط الدفاع عن أنفسهم. ومن هنا يصبح المطلوب من الفلسطينيين، أولاً أن لا يدافعوا عن أنفسهم بأي شكل، حتى أمام القضاء الدولي. وثانياً، أن لا يفكروا بأي شيء سوى المفاوضات وفق الشروط الإسرائيلية. 
فالموقف الأميركي، يعني أننا (خلال التسعين يوما المقبلة) قد نعرض عليكم صيغة سلام، أو مقترحات لتحسين الحياة اليومية، أو قد لا نقترح شيئاً، وقد يوافق الإسرائيليون أو قد لا يوافقون، وأنتم إما أن توافقوا أو لا توافقوا، ولكن لا خيار آخر أمامكم، من مثل اللجوء للمجتمع الدولي، وإذا اعتقدتم أنه يمكن أن تعززوا مكانتكم دولياً يمكننا معاقبتكم بطرق منها خفض تمثيلكم أميركياً. وبالتالي إذا رفضتم ما سيعرض (أو إذا لم يعرض شيء) فالحل أن تصمتوا (pause) وتقبلوا بالأمر الواقع. 
هذه الإدارة الأميركية لا تمانع أن تجد نفسها معزولة فهي تترك تجمعات تجارية واتفاقات مناخ، وكثيرا من الأطر الدولية الأخرى، ولا بأس أن يفكر الفلسطينيون بتعزيز علاقاتهم دولياً للبحث عن بدائل، فكل العالم يفعل ذلك، وعلى سبيل المثال لا الحصر، مع انسحاب الأميركيين من تفاهمات تجارية مع المكسيك وكندا بحث هذان عن بدائل، في وقت يدرك أميركيون كثيرون أنّ هذا يضر بواشنطن.

الغد 2017-11-21



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات