معركة وجودهم ولا وجودنا..!

كان العرب ابتداء من ردد القول بأن معركتنا مع العدو الصهيوني هي معركة وجود وليست معركة حدود والى ما قبل حرب العام 1967 لم يكن هنالك عربي يجرؤ على الجهر بامكانية قبول وجود الكيان الصهيوني في حدود جريمة الاغتصاب التي نفذت في العام ,1948
وقد مارس الغرب الى جانب اسرائيل ارهابا سياسيا على العرب والمسلمين بقبول وجود اسرائيل والاعتراف بالكيان الصهيوني كحقيقة أجمع على الاقرار بها في النهاية كل النظام الرسمي العربي ، وبعد ان انتزعت اسرائيل الاعتراف بشرعيتها من الفلسطينيين والعرب قلبت لهم ظهر المجن وبدأت بتطبيق مقولة ان معركتها معنا هي معركة وجود وليست معركة حدود.. ويتجلى ذلك بوضوح اكثر في ظل الحكومة اليمينية اليهودية المتطرفة في تصريح اقامة الدولة اليهودية وطرد كل الفلسطينيين من ارضهم ، مستندة بذلك الى تفوق عسكري وسياسي بغطاء غربي كامل ، حيث تتنكر امريكا واوروبا لمسيحيتها وثقافتها وديمقراطيتها وينساق الغرب هذه الايام صاغرا ليندفع خلف المنطلق الإسرائيلي الذي يعمل ضمن الرؤية الدينية الأصولية اليهودية التي تقول أنهم شعب الله المختار.. وأن باقي شعوب العالم يجب أن تسخر لخدمتم ، وأنه مباح لليهودي أن يفعل ما يشاء وبيد مطلقة ، دون حسيب أو رقيب ، لتملك وإدارة الأرض التي وهبها لهم الله.. حسبما يستشهد بذلك كاتب مقدسي بالتأكيد ان ما يفعله وينفذه اليهود سياسيا هو تطبيق لنصوص دينهم ومنها على سبيل المثال ما جاء في العهد القديم: "وكلم الرب موسى في عربات موآب على أردن أريحا قائلا: كلم بني إسرائيل وقل لهم إنكم عابرون الأردن إلى أرض كنعان فتطردون سكان الأرض من أمامكم وتمحون كل تصاويرهم تبعدون أصنامهم المسبوكة وتخربون كل مرتفعاتهم وتملكون الأرض وتسكنون فيها لأني قد أعطيتكم الأرض التي تملكوها وتقتسمون الأرض بالقرعة حسب عشائركم ، وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكا في أعينكم ، ومناخس في جوانبكم ويضايقونكم على الأرض التي أنتم ساكنون فيها" عدد22 ـ ,58
وجاء في سفر التثنية "متى أتى الرب إلهك إلى الأرض التي أنت داخل لتتملكها وتطرد شعوبا كثيرة أمامك.. سبع شعوب أكثر وأعظم منك وضعهم الرب إلهك أمامك وضربهم. فأنت تحرمهم لا تقطع لهم عهدا ولا تشفق عليهم.. ولكن هكذا تفعلون بهم: تهدمون مذابحهم وتكسرون أنصابهم وتقطعون سواريهم لأنك أنت شعب مقدس للرب إلهك.. إياك قد اختار لتكون له شعبا أخص من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض" التثنية 17 ـ 1 الحكومة الإسرائيلية الآن حكومة توراتية أصولية ، تنفذ تعاليم دينهم كما وردت فيها ، ولعل هذين النصين أبسط ما فيهما ، ولا أريد الاستزادة أكثر وخاصة في قصة سقوط أريحا عام 1186 قبل الميلاد ، ولا في قصة "عاي" التي تقع قرب دير دبوان ولا في قصة أهالي جبعون الذين تصالحوا مع بني إسرائيل، وبعضها جعل قطع الأشجار وهدم البيوت وقتل البشر من غير اليهود فريضة عليهم..،.
هل يمكن الوصول الى اتفاقية سلام بين تناقض أيديولوجي مبني على رؤية وإيمان ديني؟ وهو شأن مقدس وعقائدي في نظرهم يجعل معركتهم معركة وجود فعلا لا قولا وممارسة وتطبيقا وليس جدلا سياسيا عقيما ، فالمعركة بدأت عندهم معركة وجود وليست معركة حدود ، وقد بدأت عندنا معركة وجود وانتهت استجداء ومساومة وهيمنة على الحدود؟،. (الدستور)