أستحي من حضورك الطاغي كل تشرين
المدينة نيوز – خاص – كتب جهاد جبارة - : لروحك يا قمحي الملامح الأردنية الأصيلة أقدم اعتذاري! ولك يا مديد القامة وفارع اتساع الصدر أذرف , لا بل أستحي من حضورك الطاغي كل تشرين أن أذرف دمعتين , واحدة لتبلل التراب الذي تاق لضمك تلك الضمة التي يشتهيها , ويتوق لها كل من أحب وآمن وعشق وأخلص للتراب الأردني المفدى والمفتدى بكل ما نملك , والذي لا سبيل لمرضاة الله واحترامه سوى الشهادة في سبيله حين يأتي زمانها الموعود.
أما الثانية - وأقصد الدمعة - فهي على من لم يتسن له قراءة "وصفي التل " العربي الأردني الفلسطيني الا بعد استشهاده! فاليك يا سيد الرجال لا أنحني اليوم! بل أنحني للتراب الأردني الأصيل الذي انجبك وأنا لا أفعل هذا الا لأنك كنت كما كل الأردنيين النشامى لا ينحنون الا لأمهم , وأرضهم , وللتراب الذي سكنت فيه واختلطت به عظام أجدادهم , وبعض من قطرات الدمعة الثانية فهي على من يجهله الكثيرون مما يدعون الوطنية , ومنهم أولئك الذين مسؤولياتهم منوطة بتاريخ وجغرافية وسياحة ورجالات الأردن!.
أقدم اعتذاري عن كل هؤلاء الذين حسب مقولتك الأشهر : ظنوا أن الأردن هي البقرة الحلوب فقط , أما حين ينضب حليبها فلا مناص من تركها بلا رعاية , أو ذبحها أولى! خسئوا, خسئوا يا وصفي , واعذرني على هذا التعبير, لكنك لو كنت في هذا الزمن حيا لقلت أنت, ولوصفتهم بأكثر من هذا.
يا سيدي , الفارع في طوله , وعروبته , وأردنيته.. يا وصفي الحبيب.
لم يكونوا جبناء ولا كارهين لك ولا خائنين هم أولئك الذين رموك برصاص الشهادة , بل هم كانوا كارهين,وحاقدين,وخائنين للأردن العربي السند المساند لقضية الشعب الفلسطيني , لذا وطالما نحن على العهد والوعد باقون فاننا الى ذات الشهادة الحلوة لماضون , لأننا لا ننتمي الا لمدرسة الأردن الهاشمية التي بها نعتز, فعن أي رصاص يقود للشهادة يتحدثون؟..فما أحلاه .. ما أحلاه.
يا فارع الطول الأردني , القمحي الجبهة صدقني , بأن الشيب الذي راح يغزو زمني بعد استشهادك , لم يثنن , أو يردعني أبدا عن حمل رسالتك العربية الأردنية لأبناء لا زالوا يافعين , لم يحضوا سابقا بمعرفتك , لكنني اكتشفت أن رسالتي تلك كانت متأخرة حين لمست أنك تسكن وجدانهم وضمائرهم دون أن يعيشوا زمنك ، لكنهم يا وصفي مصبوغون بحمرة التراب الأردني وبلون القمح وتحدي السنابل وعطاء الزيتون.
فسامحني على اكتشافي المتأخر هذا يا فارع الطول الأردني البهي.
الشهيد وصفي التل
الزميل جهاد جبارة
