ديك الحكومة منها وفيها

روى العلامة روكس العزيزي في كتابه "معلمة التراث الأردني", قصة "ديك الفلاحة" التي تدور حول فلاحة توفى زوجها وهي شابة, فوجدت من عَرَضَ عليها الزواج فخجلت أن تتزوج, ثم فكرت في حيلة تتقي بها نقد الناقدين وتهيئ لنفسها فرصة الزواج بلا انتقادات, فعمدت إلى ديك أبيض عندها, وصبغت رجليه باللون الأحمر ورأسه باللون الأصفر وأطلقته في الحارة, فصب الناس رجالاً ونساء عليها سيولاً من النقد وأوسعوها شتماً لأنها بعملها ذاك لم تتقيد بقيود الحداد.
انتظرت تلك السيدة إلى أن توقف الناس عن نقدهم لحادثة صباغ الديك ثم تزوجت, فضحك الناس وصاروا يقولون: "اللي شاف ديكها ما بتعجب من جيزتها". وذهب "ديك الفلاحة" مثلاً, ولا سيما في شمال الأردن.
تذكرت تلك القصة بعد سماع تصريحات لرئيس الوزراء كررها مؤخراً أحد الوزراء عن أن الحكومة ستتخذ قرارات صعبة, وهي عبارة تعني قرارات صعبة على الناس, ذلك أن القرار عند الحكومة ليس صعباً, فهو لا يكلف متخذيه - شخصياً- سوى إعلانه, بل في كثير من الحالات قد يستفيد بعضهم أو بعض محاسيبهم من القرارات الصعبة سيما إذا تحولت في النهاية إلى عطاءات ومناقصات وعقود مع شركاء استراتيجيين ومطورين كما يحصل أحياناً.
في بعض الحالات اعتمدت هذه الحكومة وحكومات سبقتها أيضاً, الخطة ذاتها التي اعتمدتها السيدة صاحبة الديك, فقد أقدمت على قرارات تفاجأ الناس بها وظنوا أنه لن يأتي أصعب أو أغرب منها وأفرغوا شحنات نقدهم فيها. لكن يبدو الآن أن ما سبق قد لا يكون أكثر من "صباغ ديك". (العرب اليوم)