عرب بلا جنوب

تم نشره الأحد 28 تشرين الثّاني / نوفمبر 2010 07:24 صباحاً
عرب بلا جنوب
خيري منصور

قبل اكثر من نصف قرن كان مصطلح الجنوب العربي المحتل مدرجا في خانة تلك المصطلحات ذات الاشعاع القومي في خمسينيات القرن الماضي. والآن يتردد مصطلح الجنوب سواء المخلوع من سياقه التاريخي والجغرافي او المستأصل كالعين او الرئة ، وكأن المطلوب من هذا العالم العربي ان يصبح أعور ، ويتنفس من رئة واحدة لن تسلم هي الاخرى من العطب.

ولا ندري لماذا الجنوب؟ سواء تعلق بالسودان او لبنان او العراق واخيراً بفلسطين ، فالخاصرة الجنوبية من كل هذه الأجساد المُدمّاة والنازفة تسلط الاضواء عليها لهدف واحد فقط هو مشروع الانفصال أو التقسيم.

وقد سمعنا من قبل عن مشروع استفتاء لخلع جنوب العراق.

ولا ندري وفق هذه البوصلة ما اذا كانت غزة هي جنوب فلسطين أم شمال شمالها، فالتضاريس كلها الآن رخوة ، ومقاييس رسم الخرائط تغيرت. وها نحن على وشك اصدار طبعات منقحة بأقلام الجنرالات لا النُّحاة وملقحة بغبار لا طلع فيه ولا بشرى بالخصب ، فالمواسم كلها عجفاء والخريف استطال وتمدد وقضم الفصول كلها ، ما دامت الكائنات والبلدان وليس الاشجار فقط ترتعد من العُري في مهب الصقيع،.

ذات يوم سيخترعون للجنوب جنوباً وللشمال شمالاً ، ويصبح الشرق غرباً والغرب شرقاً كي يصاب القبطان قبل من أسلموه مصائرهم في السفينة المليئة بالثقوب بالعمى وهنا يجب التذكير بان هناك فارقا بين التقسيم والتشظية والتجزئة وبين حالة التذّرر أي التحول الى ذرات ، فهل تحلم كل قرية عربية في هذا الزمن الرّخو بحكم ذاتي أو باستفتاء على استقلالها؟ رغم ان مفردة الاستقلال كالسيّادة تماماً أضحت من مقتنيات المتحف السياسي،.

ان أبسط قواعد الحساب الذي كان للعرب الغابرين فيه باع طويل تجزم بأن النصف أقل من الواحد وان الربع هو نص النصف وسنبدو مثيرين للسخرية اذا استطردنا في هذه المتوالية الحسابية،.

جدول الضرب المقترح علينا الآن يخلو من الجمع وتتضاعف فيه عمليات القسمة والطرح لأن الهدف أخيراً هو تحويل هذه الجغرافيا العربية بمن عليها الى هيكل عظمي كتلك التي ظفر بها عجوز ارنست همنجوي في رواية الشيخ والبحر ، عندئذ لن يجرؤ أي صياد في العالم على أن يردد عبارة بطل الرواية العجوز وهي ان الانسان قد يدمّر لكنه لا يُهزم.

ربما كان الرهان العربي ذات ربيع قومي شيئاً كهذا ، فأفرز تلك التراجيديات العظيمة ، وكانت المقابر تعج بالأبطال الذين تحولت اضرحتهم الى مزارات لكن الفارق بين مزارات الامس ومزادات اليوم هو خطأ مطبعي استبدل فيه حرف الراء الذي لم نعد نستطيع النطق به بسبب الرطانة الى حرف الدال، الوطن العربي ليس أعسر بحيث لا "يجيد" الكتابة والتوقيع الا باليد اليسرى وهو أيضا لا يضطر لان يصفع وجهه بيده الوحيدة كي يصفق لان الاخرى مبتورة من الكتف،.

في زمن التئام البلدان والبحث عن أية قواسم مشتركة حتى لو كانت سوقية فقد تختصم الأمهات المدعيات على اطفال فلا يعارضن حكم القاضي بتشطيرهم بالسكين.

أين هي الأم؟. وأين هو الأب الذي لم تخذل خاصرته الجنوبية توأمها؟. (الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات