نحن وإيران المحيّرة! (1-2)

تم نشره الأربعاء 13 كانون الأوّل / ديسمبر 2017 01:13 صباحاً
نحن وإيران المحيّرة! (1-2)
محمد أبو رمان

أعاد موضوع القدس فتح ملف العلاقة مع إيران بصورة كبيرة، بخاصة أنّ القيادات الإيرانية ومن يدور في فلكها مثل حسن نصرالله زعيم حزب الله اللبناني، يتقنون جيداً العزف على ألحان القضية الفلسطينية وتوظيف العداء الشعبي لإسرائيل في صالحهم.
أظن، وأكاد أجزم، أنّنا لو أجرينا استطلاعاً جديداً لموقف الشارع الأردني من إيران، سنجد تحولاً آخر جديدا، بعدما وصل الموقف منها إلى الحضيض خلال الفترة الماضية، والحال نفسها من حسن نصرالله، لكن القضية الفلسطينية وانهيار النظام الرسمي العربي والتواطؤ الأميركي، كل هذه المدخلات كفيلة بتوفير أرض خصبة لإيران للاستثمار في إعادة بناء رصيدها في الشارع الأردني، وجزء من الشارع العربي.
الموقف من إيران، عموماً، يقع اليوم في بؤرة الاستقطاب الطائفي والأيديولوجي والسياسي في العالم العربي وفي الأردن، فهنالك تيار لا يرى في إيران إلاّ قوة طائفية ممجوجة، مسؤولة عن كوارث كبيرة في سورية والعراق واليمن ولبنان، ويزيد البعض جرعة أخرى على هذا التوصيف بربط إيران بنظرية المؤامرة الدولية، حتى في موقفها من القضية الفلسطينية.
على الجانب المقابل، هنالك طرف آخر يقفز عن كل تلك الحيثيات الكبرى، ويتجاوز سياساتها الطائفية والدموية في سورية والعراق، ودورها في الداخل اللبناني، وتشكيلها لميليشيات على هذا الأساس عابرة للحدود تهدم السلم الاجتماعي والأهلي، وينظر فقط إلى "خطابها" تجاه القضية الفلسطينية، بوصفها الحليف الاستراتيجي في مواجهة "الخطر الصهيوني"، ومركز "محور الممانعة"، ومعها – بالطبع- نظام الأسد، وربما الحكومة العراقية (المدعومة إيرانياً وأميركياً)!
وهكذا نجد أنفسنا أمام نخب عربية محكومة سلفاً باعتبارات أيديولوجية أو طائفية أو عاطفية تجاه إيران، في حين يغيب العقل السياسي- الواقعي، والرؤية النسبية للأمور، عن هذه الاعتبارات، سواء بالنظر إلى إيران نفسها، أو في سياساتها تجاه المنطقة العربية.
إيران – على صعيد الدولة نفسها- ليست دولة ديمقراطية، بالصورة التي يراها البعض، فهي ديمقراطية مقيدة بولاية الفقيه، وبمؤسسات عميقة، وكلّنا يذكر ما حدث قبل أعوام في الانتخابات قبل الأخيرة مع حسين مير موسوي، ومع أنصار الثورة الخضراء هناك، وما يزال التيار الإصلاحي يعاني الأمرّين هناك.
لكن في المقابل، مقارنةً بالعالم العربي، إيران دولة مؤسسات قوية وفاعلة، ودولة تخطط لمصالحها القومية بإخلاص، بينما العالم العربي، مفكك، والنخب السياسية محكومة في كثير من الأحيان بمصالح شخصية، وحتى الهامش الديمقراطي المتاح، فهو وهمي، والفساد يعشعش في أغلب الدول العربية.
إذاً عندما نقارن أنفسنا في أوضاعنا الداخلية وسياساتنا مع إيران، فإنّ الكفة ترجح لصالح إيران تماماً، بالرغم من كل سلبياتها. ولولا أنّ العرب محطّمون من الداخل ويفتقدون للشرعيات السياسية والتوافقات الداخلية والروح الجامعة في أغلب دولنا، لما أصبحت النسبة العظمى من "الشيعة العرب" تبحث عن العمق الإيراني في مواجهة المحيط العربي، ولما أصبح ولاؤها الإقليمي أعلى من الوطني الداخلي، لأنّها وجدت الداخل عدائياً!
أمّا على الصعيد الإقليمي والسياسات الإيرانية، فإيران ساهمت – بالتوازي مع أجندات عربية معادية لها- في تفكيك المنطقة والأوطان طائفياً، وفي تمزيق الوحدة الوطنية في العديد من الدول، وهنالك تدشين لميليشيات عابرة للأوطان وولاءات فرعية على حساب الولاء للأوطان.
لكن في الوقت نفسه، فإنّ إيران ما تزال عدوا لإسرائيل، وتدعم القوى المناوئة لها، وكان لها دور كبير في انتصارات حزب الله العسكرية، وكانت داعماً لحماس، قبل أن تفجّر الثورة السورية كل التحالفات الإقليمية وتقلبها تماماً.

الغد  2017-12-13



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات