بالفلسطينية الدارجة!

تم نشره السبت 16 كانون الأوّل / ديسمبر 2017 03:21 صباحاً
بالفلسطينية الدارجة!
ابراهيم جابر ابراهيم

من يخسر في الحب، لن يكسب في الحرب.
.. وأنتِ، بشكلٍ ما، ضروريةٌ كي أحب بلادي!
أن تلوّحي بشعرك كطفلة المدرسة الابتدائية لأكتب: إن “القدس” ضفيرة السماء في مرآة منزلنا!
فالحبّ مفردةٌ وطنيةٌ قديمةٌ، ومن متعلّقات اللاجئين التي لم ينسوها حين تسللوا كالأغنيات إلى الجبال.
الحب حملناه من البلاد، ولم يوزّعوه علينا مع الطحين في طوابير”غوث الوكالة” ومعونات الدول الشقراء!
وهكذا لمّا تهبُّ ريحٌ على “القدس” تهتزّ أواني النحاس في مطبخك، ولهجتكِ القديمة وتاريخُ ميلادك، وأنتِ تسكنين أقصى جنّات البلاد السعيدة، ويمتلئ وجهك بدمعٍ صافٍ، رائق اللون، شفيفاً وأنت تتهجئين أعداد القتلى: شهيدٌ.. شهيدان.. عشرون شجرة لوز.. ورفٌّ من الأولاد!
والمذيع يخفي “القدس” خلف جاكيته الفاخر، فيطلُّ طرفُ مئذنةٍ على الشاشة، ونلمحُ من تحت إبطه ساحة المسجد، هنا يلتقط طفلٌ صورته وهو يفتح ذراعيه لاحتضانك، وهنا يشمّ السوّاح تاريخنا طازجاً، وهنا مرّ أبي قبل ستين عاماً يبحث عن فتيلة لفانوس الكاز، فاستراح ساعتين وصلّى العصر وعاد أصغر سنّاً!
هنا يتجرّحُ صوتُ المئذنة صاعداً إلى الله، تترجّاه أن لا تنكسر!
* * *
هنا على مصاطبه الجليلة غبارٌ أصيلٌ له اسم عائلةٍ، وحمامٌ يهدل بالفلسطينية الدارجة، وماءٌ تجيء به الملائكة كل فجرٍ على أكتافها!
هنا في الساحة كي يُلقّط النملُ قمحه يزاحم أكتاف الجنود، وهنا يستريحُ عاشقان على طرف الدرج، وينعسُ طفلٌ لم يبلغ بعدُ سنّ الوضوء، وهنا تعتذر أمّ في آخر صلاتها، لبلادها؛ لأنها لم تقدم في الحرب سوى شهيدين وثلاثة أسرى!
* * *
و”هناك” أنا وأنتِ نجلسُ مثل غيمةٍ وظلّها، أنت أيتها الجميلة بين نساء “يبوس” تحملين أسماءنا في دمك، وتقولين: سنذهبُ يوماً إلى “هنا” لنعيد الأسماء لأصحابها!
أقول لكِ: ولم لا نعيدُ الأصحابَ إلى أسمائها؟
كان ضرورياً إذاً أن أحبك، لنعود إلى “الساهرة” على فرسٍ واحدة!
* * *
من هنا مرّ جدّي “كنعان” وهو يؤسس لدمي، وهذه الأشجار، هي مثلي حفيدة تلك الأشجار التي أخذ رأيها، وهنا القِبلةَ الأولى.
من الضروري إذاً أن نذهب يوماً إلى “هنا”، نتعقبُ “أثر الفراشة”، ونسمع موسيقى صافيةً عُصرت للتو من شجرٍ فتيّ، ونرتكب خطأ ما صغيراً لندخل المسجد مستغفرين!
هناك، ونحن الذين لم يكن لنا قطّ يوماً “هنا”، سنفردُ سجّادة عمرنا المنسول على ركبة المسجد، ونسألُ كم ركعةً صلاة الولد الذي اهتدى لحليب أمه!
* * *
وأنتِ، كما قلتُ لكِ مرةً: حين تصير لنا دولةً سأقترحُ ضحكتك نشيداً وطنياً لبلادي!
وأنت ضروريةٌ لي بشكلٍ ما..
ربما كي يكون لديّ مبرر لأسأل في زقاق العطّارين عن حنّاء العرائس، وعن خيطانٍ لتطريز ثوبٍ بالقصب، وبفضول العائدين نُقلّب عيوننا في الشوارع التي كنا نسمع وصفها في الأغاني “بهية المساكن”، ونروح نركضُ نسأل أهل المدينة: خذونا “لأروقة المعابد”!
سيكون ضرورياً أن أستند الى كتفك حين أقف أول مرةٍ أمام “القدس”!!
* * *
“هنا” يصوغ الفتية الـيبوسيون شكل الشجر، وشكل الحكاية، ويرتبون الحجارة الصغيرة كما أوصاهم الملك ايلياء، منذ مطلع الفجر، ..وهنا للطفل حين يقصُّ أظافره رائحة دم الغزال!

الغد 2017-12-16



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات