«انتفاضة المهد»

تم نشره الإثنين 08 كانون الثّاني / يناير 2018 12:27 صباحاً
«انتفاضة المهد»
عريب الرنتاوي

للأقصى انتفاضته، تدرأ عنه طوفان التهويد و”الأسرلة” ... وللمهد في جواره، انتفاضته أيضاً، تذود عنه وعن فلسطين برمتها، مخاطر “التسريب المشبوهة” لأراضي الكنيسة الفلسطينية ... والفلسطينيون في كلتا الانتفاضتين، يقفون صفاً واحداً، مسلمين ومسيحيين، يداً بيد وكتفاً بكتف، دفاعاً عن هوية بلادهم الفلسطينية – العربية – المسلمة – المسيحية.
أمس، كان يوماً تاريخياً، حين أحال مسيحيو فلسطيني احتفالاتهم بعيد الميلاد المجيد (بالتوقيت الشرقي) إلى نقطة انطلاق لانتفاضة في وجه من لم يمنعه وقار موقعه وجلال منصبه، من الانزلاق في واحدة من أكثر الأعمال خسة وإثارة لغضب الفلسطينيين وسخطهم: بيع الأراضي للاحتلال والحركة الصهيونية.
خرج مسيحيو مدينة المهد والميلاد، للتصدي لموكب البطريرك ثيوفيلوس المتجه صوب كنيسة المهد لإقامة القداس، ولولا المواكبة الأمنية الاستثنائية، لما أمكن للبطريرك، من دخول الكنيسة والصلاة فيها ... عاصفة من الهتافات العنيفة  والبيض الغاضبة .
“انتفاضة المهد” لم تكن حدثاُ منبتّاً، بل تتويجاً لمسار طويل من الكفاح ضد سلوك البطريرك اليوناني، فمسلسل التفريط بأراضي الكنيسة لم يبدأ اليوم، ولا مع هذا “البطرك”، ولم يقتصر على كنيسة بعينها ... فقد نجحت إسرائيل والحركة الصهيونية، في اختراق بعض القيادات الكنيسية، ودفعها لتوظيف موقعها ومكانتها الرمزية والروحية، من أجل تسريع عمليات وضع اليد على أراضي الفلسطيني ومصادرتها وتهويدها.
أدرك المسيحيون مخاطر هذه المؤامرة، فـهبوا إلى نزع “القداسة” عن المتورطين فيها، ونعتوهم ورجموهم بما استحقوا ويستحقون ...هبوا دفاعاً عن أرضهم وحقوقهم، وعن سمعة كنيستهم وشرفها، اللذين حاول “البعض” تلطيخهما وتدنيسهما بعلميات “بيوع الأراضي” المشبوهة، والتي تتزامن وتتكامل مع مسعى إسرائيلي، مدعوم أمريكياً لأول مرة على هذا النحو الصلف والاستفزازي، لجعل القدس “عاصمة أبدية موحدة لإسرائيل”، وهو المسعى / المشروع، الذي يواصل الشعب الفلسطيني برجاله ونسائه، شيوخه وشبابه، التصدي له بكل ما توفر له من عناصر القوة والمقدرات.
لقد تكشفت مواقف وأطروحات، قيادات المجتمع الفلسطيني المسيحي، عن وعي عميق لأهمية “تعميق” البطريركية، بعد ستة قرون من إخضاعها لسيطرة الكنيسة اليونانية وهيمنتها ... فأهل هذه الأرض، هم عرب فلسطينيون، وكنيستهم ركن ركين من هوية هذا الشعب وإرثه، ومسيحيوها هم ملح هذه الأرض وبارودها ... وقد آن أوان أن يكون للمؤمنين من أبناء الشعب الفلسطيني، بطريرك منهم.
وحسناً فعل الرئيس عباس، إذ ألغى مشاركته في العشاء المقرر بهذه المناسبة مع ثيوفيلوس، لكن ذلك وحده لا يكفي، وعلى السلطة أن تضم صوتها لصوت شعبها، المندد بالجريمة والمطالب بتعريب الكنيسة، وهو أمر يبدو الأردن، ومن موقعه الخاص وبحكم مسؤولياته، القديمة منها والجديدة، مطالب بدعمه من إطار “الرعاية الهاشمية” ومن ضمن الجهود التي يبذلها لحفظ القدس وصون عروبتها ودعم الحق العربي – الفلسطيني فيها.
وعلى الحكومات والأنظمة، ومؤسسات العمل العربي المشترك، وفي مقدمتها جامعة الدول العربية، أن  تبادر بدورها، إلى ضم ملف “المهد والقيامة والكنيسة الفلسطينية والوقف المسيحي”، إلى ملف القدس والمقدسات الإسلامية فيها، وأن تدرك أن مهمة الذود عن هذه المقدسات، مهمة عربية قومية بامتياز، وأن تحرص على أن تتصدر هذا المهمة، جدول أعمال منظمة التعاون الإسلامي كذلك، فمخطط ابتلاع القدس وتهويدها، لا يقتصر على الموروث الإسلامي للمدينة، بل ويطال إرثها المسيحي، ودائماً من ضمن مشروع “تصفوي” للقضية الفلسطينية، لم تعد معالمه خافية على أحد.

الدستور 2018-01-08



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات