ملاذات آمنة

تم نشره الثلاثاء 09 كانون الثّاني / يناير 2018 01:11 صباحاً
ملاذات آمنة
ماهر ابو طير

هذه أكثر فترة في العالم العربي، يشعر فيها الانسان، بانعدام الملاذات الامنة، والانسان العربي، الذي كانت تتعدد امامه الخيارات، يشعر باختناق وانسداد للافق في كل مكان.
الانسان العربي، حيث يعيش يواجه احوالا متشابهة، من الفقر والتفقير، الجهل ومستوى التعليم الهابط، اذا توفرت فرصه اساسا للكل، وغياب لفرص العمل والتنمية والازدهار، فوق الصراعات على السلطة، او الصراعات الدينية والمذهبية والطائفية، وتغول السلطات، وغياب الحريات، وهذه المعايير نراها في اغلب الدول العربية، بدرجات متفاوتة، والكارثة ان هذه البيئة غير الصالحة للحياة، باتت تأسر اصحابها فيها، فلا افق ، ولا حل الا الاستسلام لهذه الظروف، فيما محاولة الانتقال الى بلد عربي آخر، محاولة تبوء بالفشل، لان الانسان العربي، لم يعد امامه ملاذ آمن، فلا اغلب الدول العربية تقبله، ولا هي ظروفها احسن بكثير، مما يواجهه في بلده.
خيار الهجرة الذي كان متاحا خلال عقود فائتة، لم يعد متاحا بذات الطريقة، والانسان العربي الذي استشعر خراب بيئته وهاجر مبكرا الى دول كثيرة، يواجه اليوم، ظرفا سيئا، في ظل الاسلامفوبيا، والخوف من العرب والمسلمين، واتهامهم بصلتهم بالارهاب، والتشدد حتى في منح غير المهاجرين تأشيرات سفر، او حتى زيارة، جراء الشكوك، ومع هذا مايعرفه كثيرون، حول ان البيئة الاقتصادية في اميركا وكندا واستراليا واوروبا، لم تعد جاذبة بذات الطريقة القديمة، والكل في هذه الدول يعاني اقتصاديا بدرجات متفاوتة، جراء كلف الحياة، او القروض والتسهيلات وغير ذلك، والامر هنا ينطبق على كل من يحاول البحث عن ملاذ آمن خارج العالم العربي، اذ سيواجه معايير صعبة، لكن من نوع آخر، يختلف عما يعانيه العربي، فلا بلاده.
بلا شك ان دول المهاجر، تبقى افضل حالا من العالم العربي، ولا مقارنة كلية، وهذه البيئات تبقى صحية وايجابية مقارنة بالعالم العربي، لكنها في كل الاحوال ليست مفتوحة بهذه البساطة لموجات الهجرة الجماعية او الفردية، جراء مخاوفها، وجراء الضغوطات على امنها واقتصادياتها وبنيتها الاجتماعية، وهي تتحوط بألف اجراء لضمان ان لا تنتقل امراض الدول العربية، والعالم الثالث اليها، حتى لا تتغير بيئات الحياة فيها، بعدان ثبت ان الهجرات تأتي ، وتجلب معها مشاكل تلك الدول والشعوب، بشكل نجد عليه الف دليل في هذا العالم.
كيف يمكن للانسان العربي، ان يحقق خرقا في جدار العزلة هذا، بدلا من الاستسلام لحالة الموت السريري التي نراها في اغلب الدول العربية، خصوصا، ان المشاكل تشتد، ولاامل في حل كثير من المشاكل، والانسان العربي ذاته، يرى كيف ان الاف المليارات من ثرواته يتم تبديدها على الحروب والصراعات وجراء الفساد، فيما تعيش اغلب الدول العربية وشعوبها، ضمن معايير من قرون سابقة، على مستويات كثيرة، دون ان نجد مشروعا نهضويا في اغلب الدول العربية، لانعاش الانسان العربي.
هذه محنة تاريخية، ان تكون سجينا في وطنك، وفي جوارك العربي، ومشكوكا بك في كل مكان في هذه الدنيا، وغير مرحب بك، مما يجعلك تسأل الاسئلة حول وجودك في هذه الحياة، واذا ماكان الانسان العربي امام هذه التحديات قادرا على الحياة، بعد ان اصبحت اغلب الدول العربية غير صالحة للحياة بمقاييس التقييم الحقيقية، .
ربما نحن بحاجة الى اجابات عميقة، من مفكرين، ومن اصحاب رؤيا لديهم القدرة على تشخيص مشكلة الانسان العربي اليوم، والكيفية التي تمكنه من الخروج من هذه العزلة الفردية والجماعية، وترد اليه روح الحياة، بعد ان انسدت كل الافاق امامه، وبات بلا ملاذات آمنة، لا في وطنه، ولا في اوطان الاخرين.

الدستور 2018-01-09



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات