تركيا وإيران وضربة حميميم وانتخابات روسيا

تم نشره الأحد 14 كانون الثّاني / يناير 2018 01:10 صباحاً
تركيا وإيران وضربة حميميم وانتخابات روسيا
د.فطين البداد

تمكُن 13 طائرة من دون طيار من شن غارات على حميميم في الخامس من كانون ثاني الحالي تكشف أكثر من حقيقة صارخة لبوتين ولقوته " الغاشمة " - على طريقة السيسي - عندما تمكنت هذه الطائرات البدائية من كسر هيبة رادارات وصواريخ روسيا الدفاعية وعنجهيتها العسكرية .

وإذا كان الروس الرسميون اعترفوا بالهجوم إلا أنهم لم يقروا بتدمير طائرات جاثمة على الأرض ووقوع قتلى وجرحى بين الضباط والجنود ، مع أن صحفيين روسا نشروا صورا لطائرات متضررة ، كما وإن الإعتراف الرسمي يبقى منقوصا ويكشف تخبط الإعلام " المركزي " الذي تديره وزارة الدفاع إن تعلق الأمر بالجيش ، ويعيد إلى الذاكرة ليلة الأول من كانون ثاني الحالي التي أمطرت فيها جهات مجهولة أيضا قاعدة حميميم بصواريخ " جراد " وأيضا وسط إرباك وتخبط إعلامي واضح أعقبه اعتراف خجول بدون تفاصيل .

مشية بوتين التي يتمايل فيها مرحا على جنبيه معتقدا أنه يخرق الأرض ويبلغ الجبال طولا لم تعد مناسبة إن تعلق الأمر بسوريا ، فلقد اعتقد ضابط الكي جي بي السابق الذي زار قاعدته الجوية في الحادي عشر من كانون أول الماضي ، بأن الهالة التي رافقت الزيارة ، وما فعله برئيس النظام هناك ، قد حسمت له الأمر بنصر مؤزر كان قد أعلن عنه قبل أيام منها بدعوى أن الحرب قد انتهت ، وإن كل القوى المتورطة في هذا البلد لا تعني شيئا ليجيء القصف بطائرات متواضعة مذلا ومحرجا أرغمه على القول بأن وراء الهجوم إمكانات دولة ، وأنه يعرف الجهة التي تقف وراءه ، حيث بدا في هذه اللقطة كوزير دفاع من العالم الثالث وليس " قيصرا " يريد إعادة تتويج جبين روسيا بإكليلها القديم وهالتها الطاغية .

وإذا كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعث برسائل كبيرة لبوتين عن أن قصف إدلب وخرق النظام وحلفائه لتفاهمات عدم التصعيد لا يمكن السكوت عليها ، تماما كرسالته التي بعثها لترامب عن وحدات الحماية الكردية وإعلانه عزمه الأكيد على "تمزيقها" كما قال وبدأ يفعل منذ السبت ، فإن الإيرانيين كذلك رغبوا بإفهام الروس وبشتى السبل ، بأنهم قوة ضاربة وورقة حاسمة في هذا الملف بعد إهانة قوتهم بالقصف الإسرائيلي ومحاولة تهميش دورهم وحليفهم ليصل الأمر إلى قيام قوات من حزب الله بخرق التفاهمات التي ضمنها الروس أنفسهم في جبهة بيت جن المطلة على قرية الخضر جنوب جبل الشيخ في الجنوب الغربي لسوريا ، وفي جبهات أخرى ، وفي غفلة من الزمن تجيء الضربة الأخيرة " الرسالة " التي فهمها بوتين وأدرك أبعادها وخطورتها ومراميها ،وهو يعلم بأن ما حصده في سوريا ما كان له أن يكون لولا تراخي الولايات المتحدة وغض بصرها عن أولى صواريخه التي انطلقت في الثلاثين من سبتمبر 2015 عندما كان الأسد على حافة السقوط .

وإذا كان بوتين ألمح لوجود طائرة أمريكية خلال قصف حميميم الجوية ، وإن الأتراك غير متهمين ، ما دفع البنتاغون لنفي أي صلة له بالهجوم ، فإن ما وقع من قصف كان - كما يبدو - من ضمن عدة أهداف - ردا على قيام المقاتلات الروسية في الخامس عشر من ايلول الفائت بقصف حلفاء أمريكا من الأكراد شرق الفرات رغم رفعهم العلم الأمريكي مما أوقع قتلى وجرحى ، فهل جاء الرد بتحريض أو ترتيب أمريكي بعد أربعة شهور من تلك الضربة، وإلا لماذا لم تعلن أي جهة مسؤوليتها حتى الآن كما جرت العادة ؟ .

هذه الأسئلة حسمها بوتين شخصيا من خلال محاولة طي الصفحة ، لأن استمرار فتحها قد يجر تبعات شخصية غير محسوبة على رئيس سيخوض الإنتخابات الرئاسة في الثامن عشر من مارس آذار القادم ( حوالي شهرين من الآن ) ومن أجل ذلك قالت مصادر عسكرية روسية السبت من باب الدعاية : إن ضربة جوية قضت على منفذي هجوم الـ " غراد " ، وقد تم توثيق ذلك بفيديو أظهر مجموعة من الأشخاص يركضون باتجاه أحد المباني بينما عاجلتهم طائرة بصاروخ انفجر بينهم ، دون أن يقول لنا الإعلام الروسي كيف سيتم التاكد من أن هؤلاء هم الذين نفذوا هجوم رأس السنة .

وأيا كان الأمر ، فإن أمام بوتين مهمة أصعب ، هي " القضاء " على منفذي هجوم الطائرات بدون طيار ، وهي مهمة تحتاج لمعجزة من يكونون أولا .

إن الهجوم الأخير واختراق طائرات بدائية قواعد جوية وبحرية تتمتع بأحدث رادارات وصواريخ ضد الصواريخ يثبت بأن الحرب في سوريا ، وكما قلنا في أكثر من مقال ، لن يتم حسمها لأية جهة ، ولن يكتب لأحد فيها النصر ، فالخطوط في سوريا متداخلة ، واللاعبون فيها كثر وجميعهم أقوياء ..

باستثناء العرب !.

د.فطين البداد

جي بي سي نيوز 2018-01-14



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات