ما بعد "مرحلة الخطر"!

تم نشره الإثنين 06 كانون الأوّل / ديسمبر 2010 06:52 صباحاً
ما بعد "مرحلة الخطر"!
محمد ابورمان

رغم أنّ النسبة التي قدّمتها دراسة لحجم الطبقة الوسطى في الأردن (التي أعلنها أمس كل من المجلس الاقتصادي الاجتماعي ووزارة التخطيط) تبدو للوهلة الأولى مطمئنة، قرابة 41 %، إلاّ أنّ قراءة أكثر عمقاً في الأرقام تدفع إلى رفع مستوى القلق على مصير هذه الطبقة وما تحمله لها الأيام المقبلة، وفقاً لاستخلاصات يمكن الخروج بها من الدراسة نفسها.

هذا بالطبع، إذا سلّمنا ابتداءً بالمعيار الدولي الذي اعتمدته الدراسة وعملية إسقاطه على الواقع، التي قد لا تلحظ خصوصيات محلية متعددة تجعل من الاعتراف مسبقاً بأنّ نسبة الفقر هي 13.2 % موضع نظر، وكذلك الحال إذا اعتبرنا أنّ الأسرة التي يزيد إنفاقها الشهري على 884 ديناراً (بمتوسط حجم 3.9 %) هي أسرة غنية، إذ يبدو القبول بهذا الرقم (على أرض الواقع) صعباً وفقاً لحال كثيرٍ من الأسر.

الطبقة الفقيرة، وفقاً للأرقام، تقارب 51 % (أي ما دون الطبقة الوسطى)، وإذا أضفناً إليهم الطبقة الوسطى الدنيا 35.5 % (الأسر التي تنفق شهرياً أقل من 800 دينار شهرياً) أعتقد أنّ النسبة الحقيقية للطبقة الوسطى الأكثر استقراراً (أسر تنفق ما بين 800-884) هي فقط 5.6 %!

لا يعني ذلك أنّنا نتجاوز معايير الدراسة، لكن ما نحاول القيام به هو قراءة أكثر واقعية تشير إلى أنّ ظروف الطبقة الوسطى الدنيا 35.5 % ليست مستقرة، وهي تقف على "خط الفقر" الرسمي معيارياً، لكنها واقعياً انزلقت إليه، تحت وطأة الغلاء وظروف المعيشة المرتفعة والنسبة العالية من الضرائب والرسوم والخصخصة ورفع الدعم عن السلع الرئيسية.

ما يعزز هذه الخلاصة أنّ الدراسة نفسها تشير إلى أنّ الطبقة الوسطى تنفق أكثر مما تجني، ما يعني أنّها تعتمد على مصادر دخل جانبية أخرى، وهي بالضرورة مصادر غير مستقرة، والأهم من ذلك أنّ هذا "النمط الاستهلاكي" الاضطراري لا يوفّر فرصاً للادخار وتحسين ظروف الحياة، كما هي الحال بنسب الادخار المرتفعة في دول متقدمة.

في ثنايا الدراسة ثمة أرقام ومعطيات مرعبة أخرى أهمها التفاوت الكبير في مستوى التعليم، إذ ينفق الأغنياء أربعة عشر ضعف ما تنفقه الطبقة الفقيرة وضعفي ما تنفقه الطبقة الوسطى، التي بلا شك تلجأ إلى التعليم الخاص المكلف والمرهق لأبنائها نتيجة التراجع الكبير في مستوى التعليم الحكومي.

يبدو في الاستطلاع أنّ الطبقة الوسطى الحالية هي نتاج القطاع الخاص وليس القطاع العام، ما يعني أمرين، الأول أنّ الطبقة الوسطى في القطاع العام تراجعت إلى ما دون خط الفقر، نتيجة انخفاض القدرة الشرائية للدينار، بما تحمله هذه النتيجة من دلالات سياسية خطرة، والثاني أنّ هذه الطبقة التي تعمل في وظائف أساسية (الأمن، التعليم، الصحة) ستكون تحت وطأة الظروف الاقتصادية غير قادرة على أداء مهماتها بصورة جيّدة، طالما أنّها لا تحظى بمستوى حياة معقول.

هذه المعطيات المهمة لا بد أن تؤخذ لدى الحكومة في الاعتبار وهي تستعد لسنة اقتصادية جديدة صعبة، وهي تحمل في يدها كتاب التكليف الذي يؤكد على أهمية حماية الطبقة الوسطى وتوسيعها.

الدراسة، عموماً، مهمة جداً، وتمثل مفتاحاً رئيساً، يخرج بنا من دائرة الانطباعات، لإدراك الانعكاسات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للسياسات الاقتصادية، وتحتاج إلى وفقات ودراسات تحليلية أكبر، وهي بمثابة الوثيقة الثانية التي يقدّمها المجلس الاقتصادي الاجتماعي (بالتعاون مع مؤسسات أخرى) بعد "وثيقة العنف الاجتماعي"، وتؤشر على حجم العمل المهم والحيوي الذي يؤديه المجلس في هذه الفترة القصيرة، منذ تأسيسه. (الغد)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات