المقاطعة والمنازعة

تم نشره الجمعة 19 كانون الثّاني / يناير 2018 12:08 صباحاً
المقاطعة والمنازعة
حسني عايش

كلما وقع "حدث" استفزازي مفاجئ للعرب والمسلمين في موضوع القضية الفلسطينية كما في قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، دعا نفر مخلص منهم لمقاطعة سلع الدول المتماهية مع اسرائيل الصغرى وإسرائيل الكبرى (اميركا). وفي كل مرة تتداعى الدعوة للأسف وتتلاشى وتموت مع "تداعي" صوت الحدث وتلاشيه في الانتباه وموته في الوعي. 
كانت المقاطعة فعالة أيام زمان والحديدة حامية. كان هناك إجماع عربي عليها، ومكتب متخصص في أمرها. وكانت الدول العربية جميعها تقاطع أي شركة بمجرد طلب مكتب المقاطعة منها مقاطعتها بعدما تبين له تعاملها مع اسرائيل. 
ولكن المقاطعة تداعت وماتت بتداعي القضية بالاتصالات المباشرة وغير المباشرة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، ثم باتفاقيات السلام معها، وبخاصة اتفاقية اوسلو واختراع السلطة الذاتية الفلسطينية تحت الاحتلال في إثرها. يضاف إلى ذلك مقاومة الحكومات المعنية وبخاصة أميركا للمقاطعة، وحروب الخليج والحروب الأهلية والمذهبية العربية التي تدق المسمار الأخير في نعشها. 
ويبدو أن الصراع الشيعي السني أو الإيراني الفارسي العربي يخدم اسرائيل أكثر مما يخدم الطرفين، لأن أحدهما يرى في إيران وأتباعها في بلاده أشد خطراً عليه من خطر إسرائيل. ولذلك يتخلى عن موقفه المعادي لها.
أرأيتم كيف تراجعت المقاطعة والقضية عند أهلها باتفاقية أوسلو ثم عند جيرانها باتفاقية السلام، فبقية الدول العربية، فالدول المسلمة فدول العالم المختلفة. ومع هذا فإن الصرع الفلسطيني الإسرائيلي لن يختفي ولن يذوب لأنه كالصوّان صراع وجودي بين الطرفين بكل معنى الكلمة. 
أعتقد أنه مثلما حدث في أثناء الصراع الصليبي الإسلامي من حروب وسلام (صلح الرملة) واستيطان وانتهى بطرد الصليبيين نهائياً من البلاد، فإن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سينتهي بالمثل ولو بعد حين وسينهض المسيح الفلسطيني الجديد من الموت إلى الحياة وسيعود المستوطنون اليهود إلى بلادهم التي غزو فلسطين منها.
***
لقد فاز ترامب بالرئاسة الأميركية عندما كشف عن ميوله الصهيونازية فتبارى أصحاب المليارات من الجمهوريين والصهيونازيين في دعمه. فالجمهوريون دعموه لجذوره النازية التي كانت تقوم على تفوق الجنس الجرماني (ألمانيا فوق الجميع) وعنده هم البيض المتعصبون في أميركا، وتغريدته المعروفة عن تفوقهم في المظاهرة المعروفة في فيرجينيا دليل عليه. والصهيونازيون دعموه لأنه يؤمن بأن  اليهود شعب الله المختار بمصاهرته مستوطناً يهودياً إسرائيلياً (جاريد كوشنر) وتعيينه مستشاراً لديه ووسيطاً بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبافتخاره بتهود ابنته وأحفاده، وبقرفه من حقوق الإنسان (المهاجرين، والحالمين من الأطفال المهاجرين) لأنها تضع صعوبات وعقبات أمام الأولويات الأميركية الأمنية (أو البزنس الأميركي) كما تقول اليزابيث شيكلفون، الموظفة السابقة في الخارجية الأميركية المستقيلة بسبب هذا الأمر. وأخيراً تهديده بقطع المساعدات عن الدول التي اعترضت على قراره حول القدس بادئاً بخفض إسهام أميركا في موازنة الأمم المتحدة، ومهدداً بسحب التبرع لوكالة الغوث، وكأنه يرى أن الضمير الدولي يمكن أن يُشترى بالمال.
لعلّ هذه الحالة المذلة للهيئة وأعضائها توجّب عليهم إن كانوا يحترمون أنفسهم نقل الهيئة إلى سويسرا حيث البنية التحتية والحرية والتحرر من الضغوط  الأميركية عليهم متوافرة. 
إن أميركا وبشهادة الموضوعيين من مفكريها ومنتقديها في العالم هي المنتهك الأول والأكبر والأخير للقانون الدولي وحقوق الإنسان وهو سبب آخر لضرورة نقل المنظمة إلى سويسرا.

الغد 2018-01-19



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات