ليلة سعيدة يا أشقاء!

الرسالة الإيرانية الواضحة عشية بدء المحادثات مع الدول الغربية الست هي الإعلان عن "إنتاج محلي للشحنة الأولى من الكعكة الصفراء المستخدمة في تخصيب اليورانيوم"، وهي رسالة تعتقد طهران أنّها ستقوي موقفها في المفاوضات الجارية.
المفارقة أنّ مسؤولين خليجيين بدؤوا بالإعلان عن انزعاجهم وقلقهم من استثناء حكوماتهم من هذه المفاوضات، وكأنّها طرفٌ غير معني مع أنّها الأقرب جغرافياً وديمغرافياً وسياسياً من إيران.
وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، تساءل أمام منتدى حوار المنامة "لماذا ليس للخليج دور في الحوار مع إيران؟!"، وأضاف "لماذا يعتقد الغرب والمجموعة 5 + 1 أنّ الملف النووي الإيراني يخصهم فقط".
الرئيس السابق للاستخبارات السعودية ورئيس مركز الملك فيصل للدراسات، تركي الفيصل، كان أكثر تواضعاً من وزير الخارجية الإماراتي عندما حدّد سقف المطالب الخليجية بـ" إنّ ما يهم دول مجلس التعاون الخليجي هو أن تستشار وأن يتم إطلاعها على أي مقاصد سواء للولايات المتحدة أو غيرها".
القلق الإماراتي من احتمال عقد صفقة بين الغرب وإيران يبدو جلياً في التصريحات الإعلامية الغاضبة للأكاديمية الإماراتية، ابتسام الكتبي "طالما أنّ مصالح الخليج غائبة عن المفاوضات فإنّ أي صفقة محتملة ستتم ستكون على حسابها".
هل الانزعاج العربي مبرر حقّاً! لا أعتقد ذلك، فلو كان هنالك أي شعور غربي أو أميركي بدور أو موقف عربي معتبر في المنطقة، فلماذا تم استثناء العرب من طاولة الحوار، ولماذا تضيق الطاولة بأشخاص لن يضيفوا إليها شيئاً، وهنالك من ينوب عنهم على أرض الواقع؟!
إذا كان هؤلاء المسؤولون يشعرون بالفعل بالمرارة من التجاهل الغربي، فهل يملكون الجرأة، مثلاً، على الدعوة إلى حوار عربي- إيراني- لمناقشة المصالح المتبادلة والمشتركة والبحث فيما إذا كان هنالك أرضية مشتركة يمكن أن يقفوا معاً عليها؟!
إسرائيل قتلت عدداً من الأتراك الذين تحدّوا عنجهيتها في عرض البحر، فدفعت ثمن ذلك غالياً من علاقتها الإستراتيجية مع تركيا، وقبل أيام قليلة فقط يصرّح رئيس الوزراء التركي بأنّ العلاقات مع إسرائيل لن تتحسن قبل أن تقوم الدولة العبرية بـ"تنظيف" البحر المتوسط من دماء الضحايا الأتراك التسعة الذين قضوا في الهجوم الإسرائيلي على قافلة سفن إنسانية متجهة إلى غزة. لا يكتفي الرجل بذلك، بل يطالب إسرائيل باعتذار وتعويضات.
دعونا نسأل أنفسنا، كم مذبحة أقامت إسرائيل ضد الفلسطينيين واللبنانيين والجنود المصريين الأسرى (بعد حرب العام 1967)، وكم اغتصبت من المدن والأراضي والثروات العربية وكم أهانت المسؤولين العرب، وإلى اليوم هي تصرّ على عدم تقديم أيّ تنازل في عملية السلام، فما هو ردّنا؟ فكيف نريد من العالم (إذن) أن يحترمنا؟!
في عدد سبتمبر- أكتوبر الأخير من مجلة شؤون خارجية الأميركية المشهورة التي يكتب فيها أبرز المنظرين والسياسيين الأميركيين، كان غلاف العدد يحمل عنوان "إعادة تشكيل الشرق الأوسط" وكان أحد أبرز الملفات الرئيسة في العدد هو التقارب التركي- الإيراني وتأثيره الكبير على تغيير ميزان القوى في المنطقة العربية.
الكل يبحث عن مصالحه ويعرف كيف يصل إليها: إيران، تركيا، إسرائيل والغرب (بالتأكيد)، أمّا العرب فلم يستيقظوا بعد برغم صيحة إبراهيم اليازجي قبل قرن وثلاثة عقود "تنبهوا واستفيقوا أيها العرب" ولا سيد قطب قبل ستين عاماً "استيقظوا أيها العرب"، فهل نقول "ليلة سعيدة يا أشقاء"! (الغد)