محاربة الفقر والطبقة المتوسطة

عندما تحدث رئيس الوزراء سمير الرفاعي مؤكداً أن الفقر والبطالة هما الأولوية التي تعطيها حكومته غاية اهتمامها ومتابعتها نقول له أنت على طريق الصواب، ونأمل أن تتخذ الحكومة الخطوات الصحيحة نحو تقليص نسبتي الفقر والبطالة.
لقد تبين من دراسة الطبقة الوسطى التي قام بها المجلس الاقتصادي والاجتماعي، واعتمد فيها على خبرات محلية مثل الدكتور موسى شتيوي، أن تعريف الطبقة الوسطى هي تلك الفئة التي يتراوح دخلها بين مثلي وأربعة أمثال الدخل الذي يقع عند خط الفقر.
ولدي مشكلة في هذا التعريف لا تمس التعريف نفسه، فهو يبدو من الناحية الإحصائية معقولاً ومقبولاً. ولكن الاحصاءات الرسمية تقول إن نسبة الفقر 13.3 % ، وبموجب الدراسة فقد تبين أن الطبقة المتوسطة تشكل 41 % ، فهل هذا يعني أن 47 % من سكان الأردن هم من الطبقة المتوسطة العليا والميسورين والأغنياء ؟؟ إذا كان هذا الكلام دقيقا، فإذن ما هي المشكلة في الفقر إذن؟؟
ولذلك، فإن تبني الدراسة لمعيار الطبقة المتوسطة ربما تعوزه بعض المراجعة. فالأصل أننا بموجب الدراسات النظرية يجب أن نعتمد تقسيماً يقترب من (منحنى لورنز)، الذي يقسم السكان الى فئات من 10 % ، ويضع مقابلها نسبة الدخل الذي تحصل عليه.
فإذا أخذنا فئة أفقر 10 % من سكان الأردن، سنجد أنها لا تحصل إلا على رُبما 3 % من دخل الأردنيين. أما ثاني
10 % فلربما تحصل على 5 % من دخل الأردنيين السنوي . وهكذا..، وعندما نصل الى أعلى شريحة 10 % فلربما نجد أنها تحصل على 25 % من دخل الأردنيين.
وإذا افترضنا أن أفقر 10 % لا يحصلون إلا على 3 % من الدخل ، وأعلى 10 % يحصلون على 25 % من الدخل، فهذا يعني أن نسبة دخل الفئة الأفقر الى الفئة الأغنى تساوي واحدا الى 25. وهذه النسبة تعكس بشكل كبير وجود طبقة متوسطة لا بأس بها في الأردن.
وإذا قبلنا نتائج الدراسة وقلنا إن الفقر هو 13.3 % من السكان ، فإننا يجب أن نعمل على المستويات التالية:
أولاً : يجب أن نتولى مشكلة الفقر المدقع، والذي قد لا تزيد نسبته على 1 %، ونسعى لجعلهم مجرد فقراء. وهذا ينسجم كلية مع برنامج الأمم المتحدة الألفي وأهدافه.
ثانياً: الانتقال الى الفئة الباقية من الفقراء ، وقد أظهرت الدراسة نسب الفقر في المحافظات ، وأماكن وجودهم . ويجب أن نقوم بدراسة خصائص تلك الأسر من حيث حجمها، وأعمار أفرادها، ومؤهلاتهم وسكنهم ومصدر دخلهم، وعلينا أن نمكنهم من الحصول على دخل أعلى إما بتأهيلهم وتدريبهم، أو بتزويدهم بالتمويل للدخول في نشاط اقتصادي.. ونعمل ذلك ضمن الأسر الأفقر.
ثالثا: ندرس حالات الفقر الأقرب الى الطبقة المتوسطة وهي بعض الأسر متوسطة الدخل القريبة من خط الفقر، ونفرزها الى حالات حسب المحافظات، ونوجد البرامج الداعمة لدخلها.
قد يكون من المناسب أن نُشرك في هذه الحالات كل المؤسسات الرسمية والشعبية العاملة في هذا الميدان في وضع خطة مكافحة الفقر، وتقريب الناس من الطبقة المتوسطة.
وبهذا نكسب 3 أمور مهمة، الأول أننا نضمن الحد الأدنى من الحياة اللائقة للفقراء المدقعين، والثاني أننا نمزج العون بخلق فرص العمل والاستثمار للأسر الفقيرة، ما يقلل من نسبة الفقر، والثالث أننا نقلل نسبة البطالة. (الغد)