«مؤتمر الوطن البديل» .. من زاوية أخرى
تم نشره الأربعاء 08 كانون الأوّل / ديسمبر 2010 08:01 صباحاً

عريب الرنتاوي
إذا كان مؤيدو "الوطن البديل" في إسرائيل وحلفاؤهم في العالم ، هم وحدهم الذين تحلّقوا حول النائب المأفون آريه إلداد في مؤتمره الرامي حشد التأييد لحل القضية الفلسطينية ، خارج فلسطين ، في الأردن ، وعلى حساب الأردن وفلسطين معاً ، فإن علينا أردنيين وفلسطينيين ، أن نشعر بالاطمئنان لا بالقلق ، فهؤلاء "المأفونون" الذين تسللوا إلى قاعة المؤتمر من "هوامش" الحياة السياسية في إسرائيل و"الدول الصديقة" ، لا قيمة لهم ولا وزن يذكر ، هم لا يمثلون دولهم وحكوماتهم ، وهم لا يعبرون عن وجهة نظر "التيار الرئيس" من الرأي العام السائد في بلدانهم.
لكن ذلك لا يعني القفز من فوق "واقعة المؤتمر" ، على ضآلتها وتواضع تداعياتها ، فالإدانة الأردنية للمؤتمر واجبة ، أقله من زاوية تذكير حكومات إسرائيل والدول التي جاء منها "أصدقاء إلداد" ، بمسؤولياتها عن إدانة مثل هذه الأطروحات ، والتنصل منها ، وإعادة عرض مواقفها وشرح سياساتها بخصوص المسألة الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي ، على ألا نسمح لردات فعلنا أن تكون سبباً في إثارة حالة من الفزع والقلق غير المبررين.
ثمة انحباس في عملية السلام ، هذا أمر صحيح. وخيار "دولتين لشعبين" يتراجع بفعل ذلك ، وهذا صحيح أيضاً. وفرص حل الفلسطينية في المدى المنظور تتآكل ، وهذا صحيح كذلك. لكن الصحيح برغم هذا وذاك ، أن الزمن الذي كان فيه ممكناً لمثل هذه "الأحلام السوداء" أن تجد طريقها نحو الترجمة والنفاذ ، قد ولّى ، وربما إلى الأبد ، فإسرائيل ليست دولة "كليّة القدرة والجبروت" ، وهزيمة مشاريعها العنصرية وأطماعها الاستعمارية التوسعية ، باتت ممكنة ، بل وممكنة جداً.
مثل هذه الأطروحات يجب أن تحفزنا - من دون ذعر أو تطيّر - للقيام بما علينا القيام به ، سواء لجهة تحصين جبهتنا الداخلية والمضي في بناء دولة المواطنة وسيادة القانون ، أو لجهة نبذ الأوهام حول عملية السلام والكف عن مطاردة خيوط الدخان. مثل هذه الأطروحات يجب ألا تكون سبباً يدفعنا لتأييد حلول أو استعجال أخرى ، بحجة أن البديل عن "تقدم عملية السلام" هو انتعاش "الوطن البديل" ، فقد عشنا عشرات السنين ، من دون عملية سلام ، أو بوجود سلام متعثر ، ولم يكن ذلك سبباً كافياً لإثارة الذعر والفزع ، ومررنا بمراحل أصعب وأقسى من هذه ، من دون أن يتمكن أصحاب الأحلام السوداء من تمرير أحلامهم.
والأهم من ذلك كله ، أن مثل هذه "الفقّاعات" لا يجب ان تتحول إلى "ذخيرة حيّة" تستخدمها قوى وشخصيات في إثارة الجدل الداخلي ، أو بدوافع سياسية محلية ، أو لخدمة أهدف صغيرة ، شخصية وأنانية ، كما أنها لا يجب أن تثير انقساماً من أي نوع ، في أوساط الرأي العام الأردني ، فالأردنيون من أصول فلسطينية ، هم الأشد رفضاً لمثل هذه الأطروحات ، شأنهم في ذلك شأن جميع إخوانهم في الوطن والمواطنة ، والشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده ، لن يقبل بغير فلسطين ، وطناً نهائياً له.
صحيح أن أوساطاً متزايدة من النخب والقيادات الفلسطينية بدأت تتحدث عن وصول خيار الدولتين لطريق مسدود ، وصحيح أن شعار حل السلطة بدأ ينبعث من داخلها ويندرج على ألسنة قادتها ، وصحيح أن ظروف انعقاد "مؤتمر إلداد" تتميز بانسداد آفاق الحلول والتسويات والمبادرات والمفاوضات ، لكن من قال أن هذه المعطيات ستفضي إلى انتعاش "الوطن البديل" ، من قال أن هذه المقدمات ستقود إلى هذه النتيجة ، من قال أن بديل الدولة الفلسطينية المستقلة غرب النهر عند الفلسطينيين هو الاتجاه شرقاً ، أليس الحديث المتصاعد عن "الدولة الواحدة ثنائية القومية" هو الدلالة على أن بوصلة الفلسطينيين ما زالت وستبقى تتجه غرباً ، صوب حلول لقضيتهم على أرضهم التاريخية ، وعلى أرضهم فقط ، دون سواها.
ثم ، لماذا لا نجعل من كل هذه المعطيات الصحيحة ، سبباً للبحث عن "الخطة ب" للتعامل مع صلف إسرائيل وتعنتها ، لماذا لا نجري "عصفاً ذهنياً" هائلاً من أجل تحويل الوضع السيىء إلى وضع حسن ، لماذا لا نلقي بكرة بالملعب الإسرائيل ، ونشرع في اجتراح السياسات والمبادرات التي ستجعل كلفة تعطيل "حل الدولتين" أعلى على إسرائيل أيضاً ، وليس علينا وحدنا ، أردنيين وفلسطينيين.
في ظني ، أن الوقت قد حان للتخلص من "أدران الأوهام والرهانات على عملية السلام وفرصها الضائعة في ظني أن الأوان قد حان لإعادة النظر في شعارنا: "الدولة الفلسطينية خط دفاع أول عن الأردن ، وخيار "الدولتين هو مصلحة وطنية أردنية عليا". أقول ذلك لا اعتراضاً على هذه المواقف والشعارات ، وإنما من موقع التأييد لها والتبني لمضامينها ، بيد أن الأسئلة التي تؤرق كثير من الأردنيين ما زالت ماثلة: كيف سندافع عن المصلحة الوطنية الأردنية العليا ونعظّمها بعد تآكل فرص قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ، أين سنبني خطوط دفاعنا الجديدة.
نحن بحاجة لمن يقول لنا ، وبعيداً عن "المأفون" أريه إلداد ، هل ما زالت أطروحاتنا هذه صحيحة ، هل ما زال تعويلنا ورهاننا في محليهما ، كيف سنعرّف "مصلحتنا الوطنية العليا" بعد اليوم ، في مواجهة مَنْ وبالتحالف مع مَنْ؟.
أسئلة لا يجيب عنها بيان شجب واستنكار ، أسئلة بحاجة لبناء توافقات وإجماعات وطنية للإجابة عليها ابتداءً ، وحمل أعباء هذه الإجابات واستحقاقاتها وهذا هو الأهم. (الدستور)
لكن ذلك لا يعني القفز من فوق "واقعة المؤتمر" ، على ضآلتها وتواضع تداعياتها ، فالإدانة الأردنية للمؤتمر واجبة ، أقله من زاوية تذكير حكومات إسرائيل والدول التي جاء منها "أصدقاء إلداد" ، بمسؤولياتها عن إدانة مثل هذه الأطروحات ، والتنصل منها ، وإعادة عرض مواقفها وشرح سياساتها بخصوص المسألة الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي ، على ألا نسمح لردات فعلنا أن تكون سبباً في إثارة حالة من الفزع والقلق غير المبررين.
ثمة انحباس في عملية السلام ، هذا أمر صحيح. وخيار "دولتين لشعبين" يتراجع بفعل ذلك ، وهذا صحيح أيضاً. وفرص حل الفلسطينية في المدى المنظور تتآكل ، وهذا صحيح كذلك. لكن الصحيح برغم هذا وذاك ، أن الزمن الذي كان فيه ممكناً لمثل هذه "الأحلام السوداء" أن تجد طريقها نحو الترجمة والنفاذ ، قد ولّى ، وربما إلى الأبد ، فإسرائيل ليست دولة "كليّة القدرة والجبروت" ، وهزيمة مشاريعها العنصرية وأطماعها الاستعمارية التوسعية ، باتت ممكنة ، بل وممكنة جداً.
مثل هذه الأطروحات يجب أن تحفزنا - من دون ذعر أو تطيّر - للقيام بما علينا القيام به ، سواء لجهة تحصين جبهتنا الداخلية والمضي في بناء دولة المواطنة وسيادة القانون ، أو لجهة نبذ الأوهام حول عملية السلام والكف عن مطاردة خيوط الدخان. مثل هذه الأطروحات يجب ألا تكون سبباً يدفعنا لتأييد حلول أو استعجال أخرى ، بحجة أن البديل عن "تقدم عملية السلام" هو انتعاش "الوطن البديل" ، فقد عشنا عشرات السنين ، من دون عملية سلام ، أو بوجود سلام متعثر ، ولم يكن ذلك سبباً كافياً لإثارة الذعر والفزع ، ومررنا بمراحل أصعب وأقسى من هذه ، من دون أن يتمكن أصحاب الأحلام السوداء من تمرير أحلامهم.
والأهم من ذلك كله ، أن مثل هذه "الفقّاعات" لا يجب ان تتحول إلى "ذخيرة حيّة" تستخدمها قوى وشخصيات في إثارة الجدل الداخلي ، أو بدوافع سياسية محلية ، أو لخدمة أهدف صغيرة ، شخصية وأنانية ، كما أنها لا يجب أن تثير انقساماً من أي نوع ، في أوساط الرأي العام الأردني ، فالأردنيون من أصول فلسطينية ، هم الأشد رفضاً لمثل هذه الأطروحات ، شأنهم في ذلك شأن جميع إخوانهم في الوطن والمواطنة ، والشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده ، لن يقبل بغير فلسطين ، وطناً نهائياً له.
صحيح أن أوساطاً متزايدة من النخب والقيادات الفلسطينية بدأت تتحدث عن وصول خيار الدولتين لطريق مسدود ، وصحيح أن شعار حل السلطة بدأ ينبعث من داخلها ويندرج على ألسنة قادتها ، وصحيح أن ظروف انعقاد "مؤتمر إلداد" تتميز بانسداد آفاق الحلول والتسويات والمبادرات والمفاوضات ، لكن من قال أن هذه المعطيات ستفضي إلى انتعاش "الوطن البديل" ، من قال أن هذه المقدمات ستقود إلى هذه النتيجة ، من قال أن بديل الدولة الفلسطينية المستقلة غرب النهر عند الفلسطينيين هو الاتجاه شرقاً ، أليس الحديث المتصاعد عن "الدولة الواحدة ثنائية القومية" هو الدلالة على أن بوصلة الفلسطينيين ما زالت وستبقى تتجه غرباً ، صوب حلول لقضيتهم على أرضهم التاريخية ، وعلى أرضهم فقط ، دون سواها.
ثم ، لماذا لا نجعل من كل هذه المعطيات الصحيحة ، سبباً للبحث عن "الخطة ب" للتعامل مع صلف إسرائيل وتعنتها ، لماذا لا نجري "عصفاً ذهنياً" هائلاً من أجل تحويل الوضع السيىء إلى وضع حسن ، لماذا لا نلقي بكرة بالملعب الإسرائيل ، ونشرع في اجتراح السياسات والمبادرات التي ستجعل كلفة تعطيل "حل الدولتين" أعلى على إسرائيل أيضاً ، وليس علينا وحدنا ، أردنيين وفلسطينيين.
في ظني ، أن الوقت قد حان للتخلص من "أدران الأوهام والرهانات على عملية السلام وفرصها الضائعة في ظني أن الأوان قد حان لإعادة النظر في شعارنا: "الدولة الفلسطينية خط دفاع أول عن الأردن ، وخيار "الدولتين هو مصلحة وطنية أردنية عليا". أقول ذلك لا اعتراضاً على هذه المواقف والشعارات ، وإنما من موقع التأييد لها والتبني لمضامينها ، بيد أن الأسئلة التي تؤرق كثير من الأردنيين ما زالت ماثلة: كيف سندافع عن المصلحة الوطنية الأردنية العليا ونعظّمها بعد تآكل فرص قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ، أين سنبني خطوط دفاعنا الجديدة.
نحن بحاجة لمن يقول لنا ، وبعيداً عن "المأفون" أريه إلداد ، هل ما زالت أطروحاتنا هذه صحيحة ، هل ما زال تعويلنا ورهاننا في محليهما ، كيف سنعرّف "مصلحتنا الوطنية العليا" بعد اليوم ، في مواجهة مَنْ وبالتحالف مع مَنْ؟.
أسئلة لا يجيب عنها بيان شجب واستنكار ، أسئلة بحاجة لبناء توافقات وإجماعات وطنية للإجابة عليها ابتداءً ، وحمل أعباء هذه الإجابات واستحقاقاتها وهذا هو الأهم. (الدستور)