البرازيل والأرجنتين والجرأة السياسية

أقدمت البرازيل ومن ثمّ الأرجنتين على خطوة سياسية جريئة، واتخاذ قرار منطقي ينسجم مع كل أعراف الدنيا، كما ينسجم كذلك مع التفكير الحر لشعوب تراقب الصراع الطويل عن بعد، فأعلنتا الاعتراف بقيام دولة فلسطينية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م بمعنى آخر على حدود عام 1967م.
هاتان الدولتان تقفان على الوجه الثاني من الكرة الأرضية ، وخطوتهما تمثل خرقاً ساخناً لعملية التجميد الاصطناعي الذي تمارسه الولايات المتحدة وحلفاؤها؛ من أجل إطالة الأمد الزمني أطول فترة ممكنة، معاندةً لقوانين الكون ونواميس الحياة وتطويعها لصالح الكيان الصهيوني المحتل.
الاعتراف جاء سابقاً لإعلان أهل القضية عن دولتهم أولاً، في عملية دفع جريئة ليعلنوا استقلال دولة فلسطين على هذه الرقعة التي تعترف كل دول العالم بأنّها أرض محتلة؛ لأنّ عملية الانتظار المملّ الذي يفلق الكبد ويطفئ المرارة، ذلك الذي يمارسه أصحاب القضية والعرب لن يفضي إلى نتيجة ايجابية، لأنّه ليس من المعقول ولا من المنطقي وليس ممّا يقرّه أبسط التفكير البدهي أن ينتظر أهل القضية تعطف «نتنياهو» و«ليبرمان» أن يتكرما بإهداء الشعب الفلسطيني دولة، أو اهدائه اعترافاً أو قبولاً، أو انسحاباً، أو توقفاً عن التهام الأرض وبناء المستوطنات، وتهويد القدس وهدم الجدار العازل من خلال تسامح إنساني يتمتع به قادة الكيان الصهيوني، أو نتيجة توبة نصوحة تهبط في الثلث الآخر من الليل على قادة الاحتلال والعدوان فتجعلهم يفيئون إلى الحق.
إنّ الكيان الصهيوني الذي يجد الدعم كل الدعم من أقوى دول العالم ويمده بكل عناصر القوة والتفوق في كل المجالات، مع بذل الجهود المحمومة لايجاد جبهة هادئة، ورفع كل أوراق الضغط من الخصوم، فما الذي يدفع الكيان الصهيوني إلى صحوة الضمير التي تسفر عن الانسحاب ثمّ الاعتراف بدولة فلسطينية.
آن الأوان لأن يعلن الفلسطينيون دولتهم الحرة المستقلة على ذلك الجزء من الأرض المحتلة الذي يجد اعترافاً من كل دول العالم قاطبة، ثمّ يمارسون عملية التحرر والاستقلال جبراً وفرضاً على الكيان الصهيوني ، وعلى جميع الدول العربية والإسلامية أن تعلن اعترافها المباشر بهذه الدولة تباعاً، وسوف نجد مثل البرازيل والأرجنتين دولاً كثيرة تسلك هذا المسلك.
إنّ هذه الخطوة تمثل تحريكاً معقولاً للقضية، وإعادة لها على جدول الاهتمامات العالمية، وهذه الخطوة سوف تكون عاملاً في توحيد الشعب الفلسطيني أولاً وتحريك الشعوب العربية والإسلامية ثانياً.
ادعو الى وقف إجراء المحادثات مع الكيان الصهيوني، لان من شأنه استنزاف الزمن لصالح تكريس الاحتلال، الذي اتخدّ استراتيجية واضحة مرسومة ومتفق عليها التي تتمثل باستراتيجية (الحديث عن السلام) فقط وليس إيجاد السلام سوى حديث وطحن للماء والهواء. (الراي)