الديمقراطية الصوتية!

تم نشره الإثنين 13 كانون الأوّل / ديسمبر 2010 08:13 صباحاً
الديمقراطية الصوتية!
خيري منصور

الديمقراطية الصوتية!! * خيري منصور
 
 

 

للبدوي الجارح عبدالله القصيمي سلسلة كتب ذات عناوين صاخبة منها صحراء بلا أبعاد وكبرياء التاريخ في مأزق وعاشق لعار التاريخ ، لكن العبارة التي يتداولها الكثيرون وهي العرب ظاهرة صوتية نادرا ما ينسبونها الى صاحبها شأن كل شيء في عالمنا المستباح حيث كل ما في هذا العالم يمكن اختطافه.

ما أعنيه بالديمقراطية الصوتية أو ديمقراطية المايكروفون ، هو تلك الحفلات التنكرية التي نتبادل فيها الادوار من خلال الاقنعة ، فثمة نعجة تصهل وفأر لا يكف عن الزئير مقابل أسد يثغو وفهد يموء.

ان الديمقراطية الصوتية هي البديل الاعلامي والصناعي لأي حراك فاعل ، فهي منزوعة الدسم السياسي أولا ، وممنوعة من الصرف ثانيا ، وصالحة فقط للعرض أو التقاط الصور.

فعالمنا هذا سرقت أهم منجزات تاريخه البشري بدءا من الحرية ، وعقدت فيه مقايضة غير مكتوبة تقول دعني أفعل ما اشاء وسأدعك تقول ما تريد.. لهذا لن يلتقي هذان المستقيمان المتوازيان في فيزياء السياسة ، الا اذا قيض لنا آينشتاين جديد بنسبية انقلابية ، كأن تكون حركة تصحيحية قام بها آينشتاين جديد ضد نفسه وضد فلسفة المتوازيات والنسب.

ان الكلام حتى في حالة اطلاقه والسماح له بالذهاب بعيدا يشكل ما يشبه الاشباع الكاذب وهو عادة علنية مسموح بها.

وهذه مناسبة لكي نحسد ولا نغبط فقط من لم يقرأوا من التاريخ غير حكاياته المسلية ، بحيث صدقوا ان فرنسا احتلت الجزائر بسبب ضربة من مروحة ورقية أو ان حرب السبعين الاوروبية كانت لأسباب غرامية أو ان نابليون فعل كل ما فعله من الصولجان حتى المنفى في سانت هميلان ارضاء للسيدة جوزفين ، ومن قرأوا التاريخ من هذا الباب يستحقون ان نحسدهم لأنهم لا يعرفون كيف تشكل الماء أو لماذا استعمرت بلجيكا الكونغو وهي تعادل سبعين ضعفا منها؟.

ولا يعرفون ان مستعمرات بريطانيا الامبراطورة كان سكانها قادرين على جر الجزر البريطانية الى محيط آخر لو كانوا نملا أو صراصير، وهذه العبارة لحكيم آسيوي أفعمت القارة العجوز روحه بالأسى،.

وهناك مثل شعبي رغم بساطته الظاهرة الا انه يختصر مجلدات من الثرثرة هو التغميس خارج الصحن ، فمن يفعلون ذلك هم نوعان من العميان ، عميان بصر وصفهم طه حسين في كتابه الأيام وعميان بصيرة يبحثون عمن يصفهم في ايامنا،.

ما جدوى كل ما قرأنا اذا كان مجرد قبعة أو معطف يرتدى ويخلع وقت الحاجة؟ وما جدوى هذه المقارنات المملة بين ثقافات وشعوب اذا كان الأفق مسدودا والتحليق غير مسموح به الا اذا كان على ارتفاع متر واحد؟.

لقد سبقنا جميعا ذلك البدوي الجارح الذي بدأ غضبه من سؤال عن ضمير الكون الغائب وانتهى الى عشق لعار التاريخ ، فهو الذي سمانا كعرب ظاهرة صوتية لأننا نستعيض عن أي فعل بالكلام عنه ، ولأننا جعلنا من اللغة غابات تعج بالكائنات وصدقنا ان ما قاله أبوتمام عن معركة عمورية والمعتصم وهو السيف أصدق إنباء من الكتب يصلح لكل العصور.

فلا ندري الآن أيهما أصدق من الآخر.. السيف الذي صدأ في غمده أم الكلام الذي نزعت منه المفاعيل كلها؟.

فاللحظة غروبية بامتياز ، غابت فيها الشمس ولم يظهر القمر بعد،،. (الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات