انحطاط ثقافي واحباط كروي

في كل مرة تنفجر على السطح مظاهر عنف وتطرف نكرر نفس الكلام الطافح بالاسف والاسى والصدمة والالم ونلوك نفس العبارات من تراكيب اللغة الخشبية الخالية من الروح.
امام العنف اللفظي الذي واكب العملية الانتخابية وما تلاها وزيادة منسوب الكراهية والعصبية وصولا الى حالات من العنف الدموي على هامش الانتخابات ، امام كل ما افرزته اشكال الصراع المحتدم في هذه الانتخابات وكل انتخابات وما يرافقها من توترات الموسم الانتخابي ، يمكن ملاحظة ازمة الاجيال الحالية التي باتت بلا ثقافة حقيقية ولا انتماء وطني صادق ولا مشروع قومي ولا منظومة قيم.
ولا نبالغ اذا قلنا ان كل اشكال التعصب والانغلاق والتخلف والتطرف والعنف هي حصيلة تردي التعليم وعدم نهوض المدارس والجامعات بدورها في تربية الاجيال وصهرها والارتقاء بها. وبالتأكيد فان الالاف من الشباب في المدارس والجامعات وعلى مدرجات الملاعب وفي كل المؤسسات والاطر الاجتماعية الاخرى التي تشهد احتكاكات بين كل هؤلاء الذين مروا في مراحل تعليمية مختلفة وهكذا فان ما حدث عقب مباراة الفيصلي والوحدات.
كان بعض هذه الحالة التي قد تكون لها خصوصية وتداعيات وتناقضات قديمة جديدة تتصل بقلب الهويات المهددة ، وغير ذلك من اسقاطات تتجلى بشكل او بآخر في شغب الملاعب الذي اصبح ظاهرة عالمية طالما ترتبت عليه مآسْ دموية في بلدان العالم المتقدم التي لا تعاني من اية امراض اجتماعية.
ما أود الاشارة اليه هو ان هنالك تجاهلا للاسباب الخاصة الاضافية التي تؤدي الى احباطات واحتقانات لدى الجمهور الرياضي في بلدنا على قاعدة التراجع والاخفاقات المتتالية في السنوات الاخيرة وهبوط مستوى كرة القدم الاردنية ، خاصة بعد ان وصل منتخبنا الوطني لكرة القدم الى ذروة انجازاته في بطولة آسيا في مباراته المشهورة مع اليابان في العام 2004 ، ولا ندري ماذا حدث بعد ذلك وكيف اصبح منتخبنا الوطني الاضعف في كل بطولة خارجية ، كما ان الاندية الاردنية التي لمعت وحصلت على بطولات عربية واسيوية وتأهلت دوما للنهائيات تراجعت هي الاخرى كثيرا ، وبصراحة فان حزني على ما حدث في القويسمة كان مضاعفا لان مستوى مباراة القمة كما كل مباريات الدوري كان يعكس ضعفا مفجعا،،.
ما اريد التذكير به هو انه عندما كانت كرة القدم الاردنية في حالة نهوض وصعود كان جمهورها متفاعلا مع ذلك بايجابية ، وكانت حتى اللقاءات الحساسة بين قطبي الكرة الاردنية الفيصلي والوحدات آنذاك تمر بسلام ووئام.. ولذلك فان ما نسبناه الى تردي التعليم والى الظروف الاجتماعية التي تخلق توترات هو كله صحيح ، لكن ايضا لا بد ان نذكر ان التميز والنجاح والانتصارات الخارجية هي عوامل تهدئ النفوس وعكسها يولد توترات عصبية وانفعالات وغضبا كامنا قد ينفجر في اية مباراة كالمباراة المذكورة التي نتمنى ان نأخذ العبرة منها على كل صعيد وبكل الابعاد. (الدستور)