ظاهرة صوتية

تم نشره الأحد 18 شباط / فبراير 2018 12:26 صباحاً
ظاهرة صوتية
رمزي الغزوي

قبل اختراع البارود كان صوت دق النجر(المهباش) هو الذي يجمع الناس لأفراحهم وأتراحهم، وهو الذي يعلن عن تجمعهم في مناسباتهم، فالمظلوم أو المفزوع أو الفرحان كان يدق مهباشه؛ ليلف الناس إليه، ورغم أن المهباش صار من مقتنيات المتحف، إلا أننا ما زلنا نتمسك بفلسفته.
ولهذا فظاهرة إطلاق العيارات النارية، ربما جاءت بشكل لا إرادي نتيجة شغفنا بالصوت وتبعياته ومراميه ونغماته، ففي غالب أمرنا يحلو لنا أن نكون ظاهرة صوتية خارقة للمتوقع والمألوف، فعدا عن تمترس بعضنا خلف القاعدة الإستراتيجية والتكتيكية(خذوهم بالصوت)، فإننا ما زلنا نمعن بتكرار ماضينا التليد بقوالب جديدة مثيرة للدهشة أو للشفقة!.
ففاردة كل عروس حتى لو زفت من فندق مائة نجمة، لن تخلو من جوقة الزوامير والهوامير التي نطلقها كحرب ضروس تصل عنان السماء وكأننا نريد أن نفرغ ما في أنفسنا من التنفيس، فقديما كان الحصول على عروس يمثل فتحاً مبيناً وانتصارا أوصيداً جديداً، وكل هذا لا بد ويحتاج إلى إعلان للبهجة بالصوت، ولهذا ففي جيناتنا الداخلية وفي خلايانا ما تزال تعشش هذه النزعة أوالنزوة، فلا بد أن نزغرد ونزمجر ونزمر، فالعروس ليست إلا صيدا بهيجا!.
ولأننا سادة في تزجية وتبديد الوقت وحرقه وترميده، ولهذا ترانا نمعن في امتصاص أنساغه حتى عند الإشارات الضوئية!، ولا نتوانى عن التعبير عن غضبنا وحنقنا من تبديد ولو جزء يسير من الثانية، فنحتج بعصبية وتجهم على ذلك بشكل صوتي، فويل للسائق الذي أمامنا إذا تأخر عن الإنطلاق نصف ثانية أو أدنى، فستزفه الشتائم العابرة للشبابيك، وستحفه الزوامير من كل صوب ونوع، وستصفه في أدنى وصائفها بالمتخلف!.
وما يؤكد أننا ظاهرة صوتية فريدة من نوعها في الأرض، ليس استخدامنا لزوامير السيارات لتعبير عن فرحنا، بل صرنا الشعب الوحيد في العالم الذي يطلق الألعاب النارية نهاراً؛ ليستمتع بصوتها المفرقع فقط، مستغنياً عن جانبها الضوئي البهيج الذي يسر الناظرين ويمتعهم، وهذا ما كان صباح أمس بعد إعلان نتائج الثانوية العامة!.
الضوء يستطيع أن يلف الكرة الأرضية سبع مرات بالثانية الواحدة، ولا شيء أسرع منه في الوجود، والبرق والرعد يحدثان في ذات اللحظة، ولكننا نرى البرق ثم وبعد فترة بعيدة يشرف الرعد ليقرع أسماعنا، وكذلك الشعوب وسرعاتها، فمنها من هو ضوء يتقدم نحو علاه، فيما آخرون ما زالوا يحبون بأدنى من سرعة الصوت، في عالم ضوئي لا يؤمن إلا بسرعة الضوء، ويبحث عمّا هو أسرع!.

الدستور 2018-02-18



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات