التراجع عن القرار.. أولا!

تم نشره الإثنين 19 شباط / فبراير 2018 12:24 صباحاً
التراجع عن القرار.. أولا!
محمد أبو رمان

قرار الحكومة بتحويل قرابة 1400 مريض بالسرطان (من أعمارهم فوق الستين) من مستشفى الحسين للسرطان إلى المستشفيات الحكومية أتى – كالعادة- من غير أي تقديم أو توضيح أو شرح!
فجأة هؤلاء المرضى القلقون، والعائلات التي ترتبط بهم، يجدون أنفسهم معنيين بالانتقال من مركز طبي متخصص بخدمات طبية متميزة إلى مستشفيات حكومية تعاني من الاكتظاظ، في العادة، ونقص في الأدوية ومشكلات أخرى!
مثل هذا القرار كان يقتضي أولا تقديم مبرراته وأسبابه، ثم التأكّد مسبقا من جاهزية وكفاءة المستشفيات الحكومية، والقيام بعملية تسهيل وتيسير لانتقال المرضى إلى هذه المستشفيات، ما يطمئن المرضى أنفسهم، وعائلاتهم بأنّ البديل ليس الحكم عليهم بالإهمال وسوء الخدمة وعدم توافر الأدوية، بل هو قريب إن لم يكن موازيا لما يقدّم في مركز الحسين للسرطان.
لا أعلم كيف توقعت الحكومة أن يكون ردّ فعل المرضى وعائلاتهم والشارع الأردني؟! والأغرب أنّ القناعة - التي أصبحت راسخة- في دوائر القرار تكمن في "تمرير القرارات" بالحد الأدنى من النقاش، أو الضجة الشعبية حولها، وهذه قناعة كارثية، لأنّ البديل هو الأصح والأصل، فإذا كانت حجج الحكومة قوية فلتدافع عنها، وتواجه الرأي العام الآخر.
عدم الاهتمام بردود فعل الشارع لا يفسّر بوصفه ترفعا عن الشعبوية، بل نقصا وضعفا أمام المواطنين. وبالمناسبة فإنّ المزاج الاجتماعي السلبي هو نتيجة هذا الغياب أو العزوف في الخطاب السياسي الرسمي، واستنكاف المسؤولين عن الاشتباك مع الرأي العام، ليس فقط للدفاع عن القرارات، بل لتطويرها وتحسين المخرجات وتوسيع قاعدة الحوار الوطني، وتعديل الأخطاء بفعالية وسرعة.
لذلك من الخطير أن تبقى الحكومة صامتة - ما دامت غير قادرة على تقديم حزمة بديلة اقتصاديا واجتماعيا-، فمآل هذا الرأي خطير جدا إذ يعني تجذير وتعزيز الفجوة الحالية بين الحكومات والمسؤولين والشارع، والزجّ بها نحو خط التصعيد المتواصل، وهذا الرهان لا أفق حقيقيا له، ولا نتيجة!
إمّا أن تكون الحكومة مقتنعة بقراراتها وقادرة على الدفاع عنها ولديها الحجج، فلتخاطب الشارع والإعلام والبرلمان وتدافع عن نفسها، وهي الطريقة الوحيدة الكفيلة بالاشتباك مع حالة الاحتقان والغضب، أو القلق والشك في أحسن الأحوال، وإذا تبيّن خطأ بعض القرارات فالخطأ – بل الخطيئة- الاستمرار فيها، فالتعديل والتصحيح أفضل، وبذلك يكون الحوار مفيداً للجميع، وهو أفضل من الصمت والفراغ والقطيعة بين المسؤول والمواطن.

الوزير أو المسؤول غير المستعد أو غير القادر على تفسير قرارات حكومته التي يشارك فيها بالتضامن، أو حتى غير مقتنع بها، ليستقيل ويعود إلى منزله، فسياسة الوزراء والمسؤولين الأخيرة تحت شعار "سكّن تسلم" أضرت كثيراً بعلاقة الدولة بالمواطنين، فإمّا أن يكون الجميع فاعلين ومتفاعلين مع الشارع، وفي مناقشة القرارات الحكومية والبدائل، وإمّا فالحكومة تفقد جدواها ومسمّاها، فليكن كل وزير مسؤول عن قطاعه، من دون الحاجة إلى مجلس وزراء!
لو أخذنا قرار مرضى السرطان، مثلاً، فأظن أنّ الأفضل التراجع عن القرار أولا والآن، وتقسيم المرضى إلى فئات وشرائح، وألا يتم اتخاذ قرار بالجملة بناء على الأعمار، بل الحالات والظروف، بالتزامن والتوازي مع التأكد من أهلية وكفاءة المستشفيات الحكومية وتأمين من يتم نقلها إليها، بإشراف المسؤولين والمعنيين بصورة مباشرة.

الغد 2018-02-19



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات