المجتمع الدولي يحتفل باليوم العالمي للحماية المدنية
المدينة نيوز :- تشارك الدول العربية في اليوم الأول من شهر مارس/ آذار من كل عام مختلف مكونات المجتمع الدولي الاحتفال باليوم العالمي للحماية المدنية (الدفاع المدني)، الذي يخلد بدء سريان مفعول القانون الأساسي للمنظمة الدولية للحماية المدنية والدفاع المدني في 1/3/1972م.
وإذ يعد اليوم العالمي للحماية المدنية (الدفاع المدني) بمثابة احتفاء بذكرى غالية وتجدد مستمر ومتواصل لعهد إنساني نبيل، فإنه يشكل مناسبة للتنويه والإشادة بالخدمات والتضحيات الجليلة التي يقوم بها أفراد ومنتسبو أجهزة الحماية المدنية (الدفاع المدني)، ولنشر وتعميم مبادئ ومفاهيم الثقافة الوقائية لدى المواطنين.
ويأتي الاحتفال باليوم العالمي للحماية المدنية (الدفاع المدني) هذا العام تحت شعار "الحماية المدنية (الدفاع المدني) والمؤسسات الوطنية ضد الكوارث"، للتأكيد مرة أخرى على أن مواجهة الكوارث والحد من تأثيراتها، عملية تستلزم تبني مقاربة تشاركية تضم جميع المتدخلين والفاعلين للتعامل مع هذه الحوادث، وضرورة التفكير بشكل جماعي في تدبير فعال وناجع لهذه الأخطار ضمن منظومة مؤسسات وهيئات وطنية، والتنويه أيضا بأن التكامل والتكافل في الخدمات والمهام التي تقدمها الحماية المدنية (الدفاع المدني) وباقي الأجهزة، وكذا الوعي بمدى الحاجة إلى التعاون المشترك والتنسيق بينهما، بات من الأولويات لضمان تدبير أفضل لعمليات مواجهة الكوارث والحد منها.
ويتأكد هذا الأمر بالنسبة لأقطارنا العربية، التي هي عرضة - بحكم موقعها الجغرافي الاستراتيجي وتنوع الأنشطة البشرية والاقتصادية بها والطفرة التكنولوجية والعلمية التي تشهدها في شتى القطاعات والمجالات - لعدة حوادث ومخاطر، تشكل تهديدا حقيقيا لسلامة المواطن وممتلكاته وللثروات الوطنية والبيئية.
وتعد الكوارث والحوادث الكبرى على اختلاف مصادرها وكيفية مواجهتها من أبرز التحديات التي توليها الحكومات العربية اهتماما كبيرا، نظرا للآثار السلبية والأضرار التي تخلفها، والتي تؤثر بشكل مباشر على مسلسل التنمية المتوازنة والمستدامة في المنطقة العربية.
وإزاء هذه الأخطار، كان لا بد من اتخاذ الإجراءات والتدابير الكفيلة بتفادي وقوع تلك الحوادث إن أمكن، والتخفيف من آثارها إلى أدنى حد في حالة حدوثها، وذلك بتفعيل وتنفيذ البرامج والخطط الشاملة المعدة من قبل الأجهزة المختصة، والتي تنبني على ثلاثة محاور رئيسية، الاستعداد والمعالجة وإزالة الآثار وإعادة البناء.
وتحرص كل الدول على إنشاء مجلس أعلى للحماية المدنية (الدفاع المدني) ـ تختلف تسميته من دولة إلى أخرى ـ يتولى باعتباره أعلى سلطة إدارية مخولة في هذا المجال، مسؤولية الأخذ بأساليب السلامة والحيطة والوقاية من الكوارث والاستعداد لمواجهتها، ثم معالجة آثارها عن طريق خدمات الطوارئ والإغاثة وإعادة الأوضاع إلى طبيعتها.
ويسهر المجلس الأعلى للحماية المدنية ( الدفاع المدني ) على ضمان أعلى درجة من التعاون بين مختلف المتدخلين وتنسيق جهود مختلف الجهات، بما يسمح – في إطار شراكة فعالة - بتنفيذ ناجع لتدابير وإجراءات خطة التدخل الموضوعة سلفا، والتي يجب أن تكون واضحة المعالم والأهداف، وأن تكون المهام فيها موزعة بصورة عقلانية ومحكمة، بحيث يعرف كل طرف (أجهزة حكومية، قطاع خاص، مجتمع مدني ومواطنين...) دوره بصفة دقيقة ويدرك حدود مسؤولياته، مما يتطلب التعريف مسبقاً بالأدوار والواجبات لمختلف المتدخلين، وبيان التدابير والتعليمات الواجب التقيد بها عند حدوث كارثة ما - لا قدر الله -، وإلى جرد لكافة وسائل الإغاثة المادية والبشرية العامة والخاصة المتوفرة، وذلك من أجل الاستعمال العقلاني والمحكم لهذه الوسائل.
ولأهمية هذه الإجراءات والتدابير ولضمان تنفيذ ناجح لمضامين خطط التدخل الموضوعة لمواجهة الكوارث، أصبح من اللازم على الأجهزة المعنية، أن تكفل حسن التنسيق والتعاون بين مختلف الوزارات والمؤسسات المتدخلة، لتحقيق أقصى قدر من الفعالية التنفيذية لمواجهة الحوادث بإجراءات حاسمة، واضحة، محددة ومعتمدة من الجهات المسؤولة، بحيث تتآلف الجهود وتتضافر من خلال قيام كل مؤسسة بدورها ومهامها وفقا لطبيعة عملها وبأعلى مستوى من التأهيل والاستعداد المسبق.
وقد لقي موضوع الكوارث وكذا أهمية التعاون والتنسيق بين مختلف الجهات ذات العلاقة من أجهزة وهيئات وقطاع خاص ومتطوعين من أجل مواجهتها والحد من مخلفاتها، اهتماما بالغا من قبل مجلس وزراء الداخلية العرب، انطلاقا من حرصه الدؤوب على توطيد مفهوم الشراكة المجتمعية وضمان مستلزمات الحماية الذاتية ومبادئ الثقافة الوقائية، سعيا وراء أمن المواطن العربي وطمأنينته ورفاهيته.
وفي هذا الإطار، ما فتئت الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب، تحرص على أن تعمل مختلف المؤسسات والأجهزة ذات الصلة بمواجهة الكوارث بجهد تشاركي في إطار من التعاون والتنسيق والحكامة التدبيرية وبكل الإمكانيات والموارد المتاحة، والعمل على زيادة الوعي بمفهوم وتدابير الحماية المدنية وأهدافها لدى المواطنين، وترسيخ نظرية الحماية الذاتية لديهم وإشراكهم الفعلي في تحقيق هذه الغايات. وهو ما يبدو جلياً في مخرجات المؤتمرات والاجتماعات والملتقيات التي تعقد في نطاق الأمانة العامة أو التي تشارك فيها، وفي مضامين ومحاور الاستراتيجية العربية للحماية المدنية (الدفاع المدني) التي تم تحديثها عام 2016م وخططها المرحلية، والخطة العربية للحماية المدنية (الدفاع المدني)، والخطة النموذجية لمواجهة الكوارث التي تضمنت الإجراءات والتعليمات الواجب التقيد بها عند حدوث كارثة ما، وكذا في الدراسات والبحوث والمواد الإعلامية والمطويات والكتيبات التي تصدرها بشكل دوري.
وفي سياق هذا الإيمان بضرورة تضافر الجهود بين أجهزة الحماية المدنية (الدفاع المدني) وباقي الفعاليات المعنية يندرج عقد الملتقى الدوري بين رؤساء هذه الأجهزة وجمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر في الدول العربية وهو الملتقى الذي يتم خلاله تدارس أوجه التعاون بين الجانبين في مواجهة الكوارث وإزالة آثارها.
وفي إطار القناعة بأهمية الشراكة في مواجهة الكوارث كذلك تأتي التوصية الصادرة عن المؤتمر العربي السادس عشر الأخير لرؤساء أجهزة الحماية المدنية (الدفاع المدني) التي طلبت الى الأمانة العامة التنسيق مع الجهات المعنية في جامعة الدول العربية لعقد اجتماع مشترك بين أجهزة الحماية المدنية (الدفاع المدني) والجهات المعنية بالبيئة في الدول العربية لتعزيز التعاون بين الجانبين في مواجهة أخطار التلوث ومجابهة الكوارث.
ونغتنم هذه الفرصة، ونحن نحتفل باليوم العالمي للحماية المدنية (الدفاع المدني)، لتشجيع الدول الأعضاء على الاحتفاء بهذه المناسبة،من خلال إقامة العديد من الأنشطة كإعداد وتوزيع الكتيبات الإرشادية وإجراء الندوات والحوارات الإذاعية والتلفزيونية ونشر المقالات الصحفية وتنظيم أيام "الأبواب المفتوحة"، وعرض أفلام فيديو والقيام بمناورات وتمرينات تحاكي ظروف وحالات وقوع الحوادث وعمليات التدخل للإنقاذ وتقديم الإسعافات، وزيارة المؤسسات التعليمية لتحسيس وتوعية الطلبة والتلاميذ وتعريفهم بطبيعة الأخطار وكيفية تفاديها والتعامل معها عند حدوثها.