عــن الــوضــع في الضفة ومخاوف الغزاة

تم نشره السبت 24 آذار / مارس 2018 12:22 صباحاً
عــن الــوضــع في الضفة ومخاوف الغزاة
ياسر الزعاترة

عمليتان بطوليتان في غضون 48 ساعة، أصابتا الكيان الصهيوني بالهستيريا، عدد كبير من المقالات والتحليلات نشرتها الصحافة الإسرائيلية في قراءة ما جرى، لا سيما أن العملية الأولى يوم الجمعة قبل الماضي، كانت ناجحة حيث دهس بطل عددا من الجنود، فقتل اثنين، وأصاب اثنين آخرين، ثم أصيب واعتقل، فيما قتل شاب آخر الأحد حارس أمن صهيونيا بعملية طعن، قبل أن يلقى ربه شهيدا.
ما جرى ليس مفاجئا في واقع الحال، فهذه هي انتفاضة القدس التي مضى عليها 3 سنوات؛ تصعد وتهبط بين حين وآخر، لكنها لا تتوقف، وكل ذلك في سياق من التأكيد على حالة الرفض للاحتلال،.
من تابع تفاعل الشارع الفلسطيني مع قضية الشهيد أحمد جرار، وتفاعله مع كل شهيد أو عملية يدرك أن المزاج العام في الشارع لا زال على حاله؛ لم يغادر مربع الانحياز لبرنامج المقاومة، في حين جاءت الأحداث السياسية المتلاحقة منذ اعتراف ترامب بالقدس عاصمة للكيان كي تعزز هذا المزاج. 
من أهم القراءات الإسرائيلية لسياق العمليتين ودلالاتهما، ما كتبه الخبير الأمني والعسكري الصهيوني (إليكس فيشمان) في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، حيث قال: «يشير باحثو الاستخبارات إلى ثلاثة مراسي حافظت على مستوى عنف متدنٍ نسبيا في الساحة الفلسطينية خلال العقد الاخير، وهي: قدرة الإحباط لدى دوائر الأمن الإسرائيلية، التنسيق الامني مع السلطة والحفاظ على نسيج حياة معقول للمواطن الفلسطيني في الضفة. هذه المراسي؛ المرتبطة بعضها ببعض، تآكلت، فلم يتبق لإسرائيل اليوم مكاسب توزّعها على الفلسطينيين كي تكسب الهدوء والوقت. العمليات الفردية التي سجلت الانعطافة الاستراتيجية قبل نحو سنتين لم تعد منذ زمن بعيد عمليات أفراد، والمزاج في الشارع الفلسطيني يدل على تضعضع النظام القديم، سواء في غزة أم في الضفة. يوجد هنا ميل ثابت من التفتت الذي يبحث عن حدث دراماتيكي خارجي كي ينفجر ويؤدي الى الفوضى، أما الهدوء النسبي الذي ينقطع في عملية كهذه أو تلك، فمخادع. وحتى حكم حماس مهدد من الداخل، دون الحديث عن حكم «أبو مازن» الذي يوجد في نهاية طريقه السياسي». (انتهى الاقتباس).
ما ذكره «فيشمان» صحيح ومعروف في آن، وهو يعكس جوهر ما حدث منذ العام 2004،  حيث جرى تصميم أجهزة أمنية جديدة من قبل «الجنرال دايتون»، تقوم عقيدتها الأمنية على عدم الصدام مع العدو، مع قبول صيغة الاحتلال الفاخر، أي ترك قوات الاحتلال تتوغل في كل المناطق، بما فيها (أ) لاعتقال من تشاء. أما البعد الآخر، والذي صاغه توني بلير، فيقوم على ترتيب وضع فلسطيني جديد يختلف عما كان موجودا خلال انتفاضة الأقصى، من حيث الأمن والحواجز، والسماح بالعمل في مناطق 48، مع إشغال الناس بالمال والأعمال والاستيراد والاستثمار.
على أن ذلك لم يكن سوى جزءا من عملية  دعائية تقول إن هذا المسار سيفضي في نهاية المطاف إلى تحقيق الدولة الفلسطينية كاملة السيادة على الأراضي المحتلة عام 67، بما فيها القدس.
القضية الأهم أن مرور 14 عاما على هذه العملية الدعائية ما لبث أن استهلكها تماما، مع العلم أنه لولا الحسم العسكري في قطاع غزة، وما خلفه من انقسام حاد في المجتمع الفلسطيني، لما كان بالإمكان استمرار تسويق هذه اللعبة، أو توفير الصمت عليها كل هذا الوقت، في ظل تصاعد الاستيطان والتهويد، وفي ظل استخفاف نتنياهو بكل متطلبات الحل، حتى في حدها الأدنى.
اليوم، أصبح الفلسطينيون أمام تطور جديد بعد قرار ترامب، ينذر بتصفية قضيتهم، ومن الطبيعي والحالة هذه أن يتصاعد انحيازهم لبرنامج المقاومة ، وإذا كانت انتفاضة الأقصى هي المرحلة الأهم من مراحل النضال الفلسطيني، وكانت ذات صلة بالقدس والأقصى، فمن الطبيعي أن يتصاعد مد المقاومة بعد التطورات الأخيرة، والتي تضيف إلى تصفية قضية القدس والأقصى، تصفية لكل القضية.
من العناصر الثلاثة التي تحدث عنها «فيشمان»، لا يتبقى عمليا سوى عنصر التعاون الأمني، لأن قوة العدو هي ذاتها، مع تراجع في معنويات المجتمع الإسرائيلي، وإن تقدم في ميدان التكنولوجيا. وإذا ما توقف هذا، فستكون فرصة تصاعد المقاومة أكبر، لكن عدم توقفه لا يعني إغلاقا للباب، بل قد يأتي التصعيد الشعبي ليفرض نفسه .
الخلاصة هي أن الشعب الفلسطيني لم يعد لديه شك، أن مواجهة مؤامرة تصفية القضية، لن تتم من دون انتفاضة شاملة في الضفة تقلب الطاولة، وتعيد تصحيح بوصلة القضية برمتها.

الدستور 2018-03-24



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات