أين الزُبدة؟!

تم نشره الثلاثاء 21st كانون الأوّل / ديسمبر 2010 05:37 صباحاً
أين الزُبدة؟!
محمد ابورمان

أظهر عدد من النواب والكتل تناغماً كبيراً مع هموم الشارع وهواجسه، وتحديداً في القضايا الاقتصادية الملحّة، مثل الغلاء والفساد وأسعار المحروقات، وتوسيع الطبقة الوسطى، وحماية الطبقة الفقيرة من خلال آليات أكثر جدية وفعالية من الآليات الحالية، وإعادة النظر في دمج البلديات.

بل تجاوز نوابٌ السقف المتوقع، فعلاً، من خلال طرح المطالبة بنقابة للمعلّمين وإصلاح سياسي حقيقي، وفتح ملفات فساد هنا وهناك، والمطالبة برؤية اقتصادية مختلفة، وزاد آخرون أن طالبوا بتقليص امتيازات النواب والوزراء مقابل زيادة رواتب الموظفين الصغار.

ساهمت هذه البيانات بمنح بريق من الأمل في المجلس، لولا بعض البيانات والخطابات الهجومية غير المبررة من مؤسسة المجلس وكتله، إذ عكّرت هذا "المناخ" المختلف عن نقاشات الثقة البائسة في البرلمان السابق، وأزعجت مسؤولين كبارا في الدولة، قبل أن تصدم الرأي العام.

مع ذلك، فإنّ الانطباع العام أنّ هذه الخطابات لا تتجاوز الفضفضة و"التنفيس السياسي" والكلام الصاعد مع الهواء، إذا لم تترجم بخطوات واقعية، فمجلس النواب هو المؤسسة التشريعية والرقابية، وبيده أسلحة متعددة، أهمها الثقة والموازنة والرقابة وفتح ملفات حقيقية من قبل اللجان المنبثقة منه.

مصداقية المجلس معلّقة في الامتحان الأولي بربط الثقة بشروط واقعية منطقية في مواجهة استحقاقات المرحلة المقبلة، والتوافق على "صفقة معينة" تفضي إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع، تحدث فرقاً حقيقياً، يقدّمه ممثلو الشعب إلى الرأي العام.

لفتت انتباهي، وشريحة من السياسيين والمراقبين، كلمة التيار الوطني، وتحمل مضموناً سياسياً جيّداً ورؤية نقدية جدّية، وقد ربطت الكتلة ثقتها بالحكومة بمدى انسجامها مع هذه الرؤية، والسؤال الآن أمام كتلة التيار الوطني هو مدى قدرتها على الالتزام بهذا المستوى من الطرح، ما قد يعني الانتقال إلى "خندق المعارضة" البرلمانية، وليس فقط "المناكفة" أو "المشاغبة السياسية" على الحكومة.

ثمة انقلاب واضح في موقف الدولة من التيار الوطني، وقد ظهر ذلك جليّاً في مرحلة الانتخابات النيابية وفي "صكوك البراءة" من نواب الكتلة، حتى تقلّصت إلى قرابة 13 نائباً، ومن ثم في استثنائها من المواقع القيادية في المجلس. ذلك يدفع - في المقابل- بالسؤال إلى قيادة الحزب وقراءتها لهذه المعطيات، ومدى إصرارها على الاستمرار والتماسك بعد "الطلاق" الواضح مع "مظلة الدولة"!

ذلك يدفع، أيضاً، إلى التساؤل عن "بنية" التيار نفسه فيما إذا كانت مهيأة لمرحلة جديدة تكون فيها على الطرف الآخر من المعادلة السياسية أم أنّها ستتلاشى بعد اختلاف وجهة الرهانات وطبيعتها.

في المقابل، قدّم أعضاء اليسار الديمقراطي نمطاً من المعارضة العقلانية الهادئة والخجولة في الوقت نفسه، بما لا يتناسب مع سقف بعض التوقعات من الكتلة، وما يزال موقفها من الثقة معوّماً وغامضاً.

وهنالك كلمات لافتة ومسيّسة بدرجة كبيرة من النواب، منها كلمة د. عبد الله النسور التي تطرقت لمفاصل أساسية في السياسات الرسمية.

في نهاية اليوم، كل ذلك مرهون لدى الرأي العام بـ"الزُبدة"، وماذا يمكن أن تقدّم الحكومة في "ردّ الثقة" من التزامات حقيقية!

ثمة حساسية واضحة لدى النواب لمسناها، خلال الأيام القليلة، من أي نقد يوجّه للمجلس تحت عنوان "هيبة المجلس"، والهيبة لا تتحقق إلاّ بتقديم صورة مختلفة عن الصورة النمطية التي تشكّلت خلال السنوات الماضية، والكرة الآن في ملعب المجلس، فماذا سيفعل؟.. (الغد)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات