حماس على جبهة غزة : «فوق الصفر تحت التوريط»

تم نشره الخميس 23rd كانون الأوّل / ديسمبر 2010 04:08 صباحاً
حماس على جبهة غزة : «فوق الصفر تحت التوريط»
عريب الرنتاوي

بلغ التصعيد على جبهة غزة حداً ينذر بأوخم العواقب ، فطبول الحرب باتت تقرع بقوة ، وسلاح الجو الإسرائيلي عاد لممارسة هوايته في القتل العشوائي على نطاق واسع ، فيما الصواريخ والقذائف الفلسطينية عادت للتساقط على الشريط الحدودي غير المأهول ، بكثافة تشي بأن وراء الأكمة ما وراءها.

وما وراء الأكمة ، يختفي جملة من اللاعبين ، وليس لاعبين اثنين فحسب ، إسرائيل وحماس ، فقد دخلت الحركة السلفية الجهادية بمسمياتها المختلفة على خط المواجهة العسكرية ، وهناك فصائل وأذرع وكتائب وسرايا تتفلّت باستمرار لاستئناف أنشطتها السابقة للهدنة الممتدة منذ "الرصاص المصهور".

وإذا كانت إسرائيل لا تجد مصلحتها على "جبهة غزة" في "نصف تهدئة" أو "ربع وقف إطلاق نار" ، فإن مصلحة حماس في المقابل ، يمكن تلخيصها بالشعار التاريخي لحركة القوميين العرب قبيل انطلاق الرصاصة الفلسطينية الأولى: "فوق الصفر تحت التوريط" ، أي بمعنى أن حماس لا تريد لصمت الجبهات والرصاص والمدافع أن يقضي عليها في غزة ، كما أنها لا ترغب في أن يصل بها التصعيد مع إسرائيل ، حد المواجهة أو الحرب الشاملة ، في كلتا الحالتين ، تبدو حماس خاسراً أكبر.

إسرائيل في شوق لتصفية الحساب مع قطاع غزة ، وإنجاز ما لم تنجزه زمن الرصاص المسكوب على رؤوس أطفال القطاع ونسائه وشيوخه ، لذلك نراها لا تتوقف لحظة عن التحذير من خطر "الترسانة العسكرية" لحماس في القطاع ، بل والمبالغة في تقدير حجم هذه الترسانة ، والزعم بأنها باتت تعادل قوة حزب الله في حرب تموز 2006 ، وهي ترد على كل قذيفة طائشة ، تسقط في منطقة غير مأهولة ، بغارة جوية على مناطق فلسطينية مأهولة ، وهي تمعن في استهداف حماس وتحميلها وزر القذائف والصواريخ المنطلقة من القطاع ، كلما أمعنت الحركة في الدعوة لضبط النفس واحتواء تفلّت فصائل المقاومة الوطنية والإسلامية و"السلفية" ، وعلينا منذ اليوم ، أن نعتاد على هذا المصطلح ، بعد أن أبلغنا "أبو القعقاع" قبل يومين ، بأن هدف جماعته المجاهدة ، نصرة هذا الدين ، فإما يبلغونه أو يهلكون دونه ؟،.

على أية حال ، فإن الأنباء من إسرائيل تدعو للقلق حقاً ، فالقيادتان السياسة والعسكرية قررتا على ما يبدو ، استهداف حماس رداً على "الخروق الفلسطينية" للتهدئة ، أياً كانت المتسبب فيها ، تماماً مثلما كانت إسرائيل تعاقب الرئيس عرفات والسلطة على أي خرق للتهدئة ووقف النار كانت حماس تمارسه ، وقد أتبعت حكومة اليمين والمستوطنين القول بالفعل ، وبدأت باستهداف مواقع لحماس ، ومن المتوقع أن تستمر هذه العملية ، وأن تطاول أهدافا أكثر "رمزية" وأشد إيلاماً ، إن ظل الحال على هذا المنوال في قادمات الأيام.

في المقابل ، تبدو حماس في حالة حرجة...فهي وإن كانت نجحت مؤقتاً في إقناع بعض الفصائل بحاجتها وحاجة أهل القطاع للهدنة والتهدئة ، إلا أنها لن تستطيع إقناع الجميع أن يلتزموا وقف النار طوال الوقت ، وهي وإن كانت قادرة بقوة الأمر الواقع ، على لجم الجميع بالقوة ، ومنع انطلاق الصواريخ من غزة عنوة ، إلا أنها ستفقد في المقابل كل منطقها الذي "تشارع به فتح والسلطة وتقارعهما" ، وسيخرج عليها من سيقول لها: تريدون مقاومة في الضفة الغربية وأنتم تمنعونها بقوة السلاح في غزة...تأخذون علينا منع العمليات ضد الاحتلال وأنتم تمنعونها في القطاع المحاصر والمجوّع والمستهدف بالنيران الإسرائيلية.

إذن ، فحماس ليست في وضع سهل أبداً ، وهي وإن أمكن لها أن تقنع الجهاد والشعبية والديمقراطية بما تريد ، فهيهات أن تنجح مع السلفيين والمجاهدين من الطراز الذي أشرنا إليه.

على أن حماس في المقابل ، تشعر أن حصار غزة ، وحصارها في غزة ، غير مرشحين للرفع قريباً ، فليس في الأفق ما يشي بوجود ضوء في نهاية النفق ، ثم أن العالم والعرب والمسلمين ، نسوا أو هم في طريقهم لأن ينسوا القطاع وأهله وحماس المحاصرة فيه ، والسبب أن الجبهات هادئة والأمن مستتب كأحسن ما يكون عليه الالتزام بوقف النار.

ربما لهذا السبب بالذات ، قد تتغاضى حماس جزئياً عن بعض أعمال الفصائل الأخرى ، بل وقد تشجع عليها وتمارس مثلها...لكن معضلة حماس تتجلى في أنها لا تريد استدراج إسرائيل إلى مواجهة شاملة ، فهذه المواجهة أو الحرب إن اندلعت ، فستكون أشد ضرراً على الحركة والقطاع ، من استمرار حالة الترك والنسيان التي تعيشها الحركة في القطاع.

هي لعبة خطرة ، وسلاح ذو حدين ، فأنت تستطيع أن تغير قواعد اللعبة ، ولكنك لا تستطيع التحكم بها وإدارتها كما تريد...أنت تريد أن تبدأ مشوار التسخين والتصعيد ، أو أن تسمح به ، بيد أنك لا تستطيع التحكم بنهاية هذا المشوار وخواتيم ذلك التصعيد ، هي معضلة حقاً ، سنرى كيف ستعمل حماس على حلّها خلال الأيام القادمة  . (الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات