عن «زحمة» المبادرات الخاصة بغزة ومسيرة العودة

تم نشره الأربعاء 18 نيسان / أبريل 2018 12:30 صباحاً
عن «زحمة» المبادرات الخاصة بغزة ومسيرة العودة
عريب الرنتاوي

حملت وسائل إعلام مختلفة، أنباءً عن عروض ومبادرات لوقف “مسيرة العودة الكبرى” واحتواء تداعياتها، في مسعى من أصحابها، لمنع انزلاق الأطراف إلى أتون مجابهة دامية، لا تكف إسرائيل عن التلويح بها، إن تجرأ شبان القطاع على اجتياز السياج الأمني، وتدمير البنى التحتية الأمنية الممتدة على طول حدود القطاع المحاصر، مع سلطة الاحتلال.
بعض هذه المصادر، تحيل المبادرة إلى دولة عربية أو أكثر، تقترح وقف المسيرة وإنهاء أنشطتها، نظير فتح “معبر رفح”، وتخفيف قبضة الحصار المضروب على القطاع، ورفع بعض العقوبات التي يرزح تحت نيرها ... بعضها الآخر، يتحدث عن مبادرة أخرى، عن الاتحاد الأوروبي هذه المرة، والبعض اختصرها بثلاث كلمات: “الغذاء مقابل السلاح”، بمعنى رفع العقوبات وفتح المعابر، نظير القبول بالعودة إلى الآليات السابقة للانقسام، للإشراف على المعابر والحدود، بما يعني، تسليمها للسلطة وعودة الوحدات الشرطية الأوروبية لمزاولة عملها.
يصعب التيقن من دقة وفحوى هذه المبادرات، في ظل امتناع مختلف الأطراف عن الكشف عن حقيقة ما يجري من مداولات، لكن لا دخان من دون نار، والدخان في السماء الفلسطينية (المحتلة أيضاً) لا يتصاعد بكثافة، إلا عندما تكون إسرائيل في مأزق، وغني عن القول، أن “مسيرة العودة الكبرى” تسببت بخلق مأزق لإسرائيل، فإن هي استخدمت القوة المفرطة كما فعلت في الأيام الماضية، قامرت بفقدان “شرعيتها” وافتضاح زيف ادعاءاتها... وإن هي التزمت “ضبط النفس”، ستجد عشرات ألوف الشبان اللاجئين يقرعون أبواب مستوطنات “غلاف غزة”، وربما ما هو أبعد من ذلك.
على أننا سنكتفي في هذه العجالة، بتظهير أمرين اثنين: الأول، أن غزة بدأت تضغط على الرأي العام والمجتمع الدولي، من بوابة ضغطها الشعبي السلمي على إسرائيل، وهذا تطور جيد، يعلي من شأن المقاومة الجماهيرية السلمية، ويعزز هذا الخيار، بوصفه خياراً استراتيجياً قابلاً للاستدامة وإعادة الإنتاج في الضفة والقدس، وحتى في الشتات والمغتربات والمهاجر. 
والثاني، أن هذه المبادرات، تسعى في تفكيك أطواق العزلة والحصار عن القطاع وأهله، وليس عن حماس وحكومتها وكتائبها، فلا واحدة من هذه المبادرة، ولا أحد من المبادرين، معنيٌ باستنقاذ حماس، وتفكيك أطواق العزلة التي تحيط بها، وتكاد تختنق بها، وعلى حماس ألا تخطئ في قراءة مرامي هذه المبادرات وأجندات المبادرين.
من هذا المنطلق، نرى أنه يتعين على حماس أن تقف وقفة مراجعة مسؤولة، فيما القضية الفلسطينية تلج عتبات مرحلة استراتيجية جديدة، عنوانها “صفقة القرن” وقرارات ترامب بشأن القدس والسفارة، وأحسب أن ثمة عناوين ثلاثة، يتعين على الحركة أن تأخذها بنظر الاعتبار:
الأول؛ على حماس أن تدرك أن هذا الوضع الشاذ في غزة، والانقسام على المستوى الوطني، من المحال أن يستمر، فهي قد تستطيع إطالة أمد بقائها كـ “سلطة أمر واقع” في القطاع، بيد أنها تٌغرق القطاع معها، فضلاً عن كونها، تغرق فيه، أكثر من أي وقت مضى.
الثاني؛ إن لمسيرة العودة الكبرى، التي شاركت فيها جميع القوى والفصائل والفعاليات ومواطنون أفراد غير محسوبين على أي من مكونات الخريطة الفصائلية الفلسطينية، هدف رئيس واحد: إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية من حيث أولويتها ومكانتها، وتوجيه صفعة لـ”صفقة القرن”، وليس لتعويم حماس، وتفكيك عزلتها وحصارها، مع أن هذا هدف مشروع، لطالما أقدمت عليها أحزاب وقوى وفصائل، في فلسطين والمنطقة والعالم.
والثالث؛ إن أيٍا من المشاريع والمبادرات المطروحة، لن يلحظ دوراً لحماس في حفظ الحدود والسيطرة على المعابر، بل وبعضها يشترط عودة السلطة بقضها وقضيضها إلى القطاع، وبعضها الثالث، يلحظ تجفيف مصادر التسلح، إن لم نقل نزع السلاح الموجود، ومن الأفضل لحماس وفلسطين، قضية وشعباً، أن تبادر حماس إلى تقديم التنازلات لشعبها وإخوانها في الحركة الوطنية، على أن تقدمها لمحاور عربية معروفة لحماس، كما هي معروفة لنا، أو لجهات دولية، لم تتحرك على وقع أنّات أطفال القطاع ونسائه وشيوخه، بل على ضجيج المأزق الإسرائيلي مع جماهير غزة المنتفضة في مسيرة العودة الكبرى ... بانتظار قرارات تاريخية من حماس، قبل فوات الأوان، بانتظار وقفة وطنية مسؤولة، بعيداً عن الفصائلية الضيقة، بانتظار تغليب “الوطني” على “الإخواني” في خطاب الحركة وسلوكها.

 الدستور - الاربعاء 18 / 4 /2018



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات