الصناعة الأردنية تحت الضغط

تقـول الإحصاءات الرسمية أن إنتاج الصناعة التحويليـة في الأردن انخفض خلال الشهور العشرة الأولى من هذه السنة بنسبة 8ر5% ، وأن أسعار هذه المنتجات انخفضت خلال هذه السنة بنسـبة 2ر4% ، أي أن الحصيلة انخفضت بنسـبة تقارب 10% ، فهل انخفضت نفقات هذه الصناعات الوطنية؟ الأرجح أن التكلفة ارتفعت ، فالرواتب والأجـور في ارتفاع ، وأسـعار المحروقات زادت بنسبة 25% ، وبالتالي فإن الصناعة في وضع لا تحسـد عليه.
هـذه الأوضاع المتدهورة لا تعود لسـوء إدارة الشركات الصناعية ، فالأرجح أنها تبذل جهـوداً مضنية لخفض التكاليف ، ولكن الظروف الضاغطـة أكبر من أن تخضع للسيطرة.
السبب الرئيسي في وصول الصناعة الوطنيـة إلى هـذه الحالة يعود لما يسمى بالسياسة الصناعية ، فالحماية الجمركية في انخفاض تدريجي ، واتفاقيات التجارة الحـرة تجعل السوق المحلية مستباحاً للإنتاج الأجنبي المدعوم والمتفوق ، والأردن هو الطرف الخاسـر في جميع هذه الاتفاقيات.
الإنتاج الصناعي الأردني قادر على المنافسة والصمود شريطة أن تكون المنافسة عادلة ، أما أن تأتي البضاعة الخليجيـة والتركيـة بأسـعار تقل كثيراً عن كلفة الإنتاج المحلي ، إما لأن المدخلات رخيصة وخاصة المحروقات والكهرباء والمـاء في حالة الصناعات الخليجيـة ، أو لأن الصادرات مدعومة بشكل مباشـر كما في حالة الصناعات التركية والمصرية.
يقـول منتجو الملابس مثلاً أن السـماح بدخول الملابس التركية معفـاة من الجمارك جزئياً أو كلياً سـيكون بمثابة حكم الإعدام على صناعة الملابس الأردنية ، ويشـيرون بالمناسبة إلى مفارقة مدهشة ، وهي أن الرسـوم على الملابس تفرض على الوزن وليس على القيمة ، ومعنى ذلك أن القميص الفرنسي الذي يحمل ماركة مشـهورة ويكلف 80 ديناراً ، يدفع جمارك لا تختلف عما يدفعه القميص الصيني الذي يكلف خمسـة دنانير ، وفي هذا مسـاواة بين الأغنياء والفقراء ، وهي مسـاواة بين غير المتساوين.
الصناعة الأردنية في أزمة ، وأزمتها متجهة للمزيد من التفاقـم إذا لم تتغير السياسة الصناعية وتعطـي الأولوية للصناعات الوطنية. (الراي)