استحلال يفوق الاستيطان!

تم نشره الأربعاء 29 كانون الأوّل / ديسمبر 2010 02:08 صباحاً
استحلال يفوق الاستيطان!
خيري منصور

اذا كان لا بد من وسيلة ايضاح مدرسية لهذا العالم المصاب بنوبات متعاقبة من العمى والصمم ، فهو يطة ، تلك القرية الهاجعة تحت خاصرة الخليل لكنها الآن اشبه بسيف جرد من غمده المطرز بعد أن صحت من النوم لتجد القطعان من المستوطنين وقد سيجوها واختطفوا اسمها ليقولوا بأنها وعد اليهم من الانبياء.. ان ما حدث في هذه القرية هو مجرد عينة لكنها تقدم عند الاختبار الدراما الفلسطينية كلها ، ما دام المشروع الاستيطاني والاستحواذي قد تأسس على ركيزتين هما السطو المسلح وتزوير التاريخ ولأن الدست كما يقال لا يركب الا على ثلاث ، فالركيزة الثالثة الآن تتشكل من صمت العالم ولامبالاته ، مما اسال المزيد من لعاب سمكة القرش الصهيونية،

ان تهويد وتزوير تواريخ أكثر من خمسمئة قرية عربية في فلسطين حوّل مثل هذه الجرائم الى اسلوب عمل واستراتيجية مستمرة ، رغم ان الجرة اليهودية لن تسلم الى الأبد اذا سلمت لأسباب يعلمها الضليعون في فقه التخلي والخذلان لعقود عدة،

المستوطنون محروسون بالجيش ، وهم يتمتعون بضوء أخضر من رئيس وزرائهم ووزير خارجيتهم وقائد أركانهم ، لأن هذا الثالوث لا يكف عن التحريض بمختلف الوسائل والاساليب ، عندما شاهدت ما يحدث في يطة تذكرت جدتي الأميّة والتي كانت تسمي الاحتلال استحلالا ، واعتذرت لها عشرين مرة عن التصويب اللغوي الأخرق الذي كنت أمارسه وأنا تلميذ ، فما يجري هو ما عبرت عنه جدتي ولا أحد سواها.. انه استحلال المحرّم ، وتحويل المسروق الى استحقاق لمجرد ان عمر الجريمة ستون عاما، رغم ان الاوطان لا تسقط من ذاكرة أهلها بالتقادم ما دام هناك صينيون قد تظاهروا قبل شهر من أجل استرداد أرض اخذتها اليابان منهم قبل ستة قرون وليس ستة عقود كما حدث في فلسطين،

ان الضابط بلوم ، الذي كتب عنه الراحل هشام شرابي في كتابه التاريخ الشفوي والذي كان يستحل الطيبّة.. هو مجرد اسم حركي لضباط وجنرالات وحاخامات ومستوطنين يفعلون الشيء ذاته..

انها لمفارقة ان تتوالى اعترافات دول العالم بفلسطين بحيث تجاوز عددها المائة في الوقت الذي تتوالى فيه هجمات القطعان على الخليل وشقيقاتها من المدن والقرى الفلسطينية ، وتفسير ذلك هو ببساطة ان هناك من لا يتعاملون مع التاريخ الا بوصفه خرافة فهم حولوا الجيتو من منعزل جغرافي مكاني الى جيتو فكري وثقافي ، يعيشون داخل شرنقتهم فقط والآخرون هم مجرد \"جوييم\"..

ان لعبة التناوب بين الجيش الاسرائيلي والمستوطنين أصبحت مكشوفة وفاحت منها رائحة كريهة ، فما لم ينجزه الجيش تتولاه هذه القطعان ، لكن تحت حراسته واستكمالا لمشروعه العسكري الذي لم يكن الا الاستيطان منذ اليوم الاول للاحتلال ما من عدو أوضح من هذا ، وما من معتدى عليه كالعرب أشد غموضا والتباسا مما نرى ونسمع.. فالقدس بحت أصوات شيوخها ورجال دينها من مسلمين ومسيحيين وأصبحت قاب عدوانين جديدين من الدمار التام ولا نظن ان لون الدم أصبح هو الآخر غامضا وملتبسا بعد ان سفح على مرأى من العالم وعبر الشاشات..

من الطنطورة الى يطة ، سردية حمراء تردد صداها كل شقيقة نعمان على تلك السفوح الوحيدة ، أما وسائل الايضاح وعلى النحو الخاص بتلاميذ الابتدائية فقد ظننا بأننا تجاوزناه.. وعلينا الآن ان نعتذر لأن العودة الى المربع الاول تحولت الى قدر، (الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات