السعد والنحس والعام الجديد السعيد

الداعي لكم بطول العمر وايام مديدة سعيدة ، يؤمن مثل اغلبيتكم بالحظ والطالع والمصادفات سلبا وايجابا وبدنيا ، مقبلة او مدبرة ويحدد الانسان عموما الامل بان يكون كل عام جديد محققا لما يتمنى المرء ، ورغم التقدم العلمي والتطور الحديث الذي انجزت فيه البشرية خلال القرن والربع الاخير اضعاف ما انجزته عبر الاف السنين الماضية بعد ان اثبت اوغست كونت انه لا يوجد شيء خارج الحواس الخمس للانسان وبات نهجا لكن الانسان ظل يؤمن بالحظ والمصادفة ، والطالع والابراج والفلك ولعب الشدة استمرارا لما كان يحدث في الماضي من لعب الشدة ليلة رأس السنة والى حد ما لا تزال هنالك اعداد من الناس تؤمن بذلك من باب التسلية والفضول او الاقتناع ، ويبني البعض حسابات تفاؤل وتشاؤم حسب الربح والخسارة.

ولا يزال كثير من الناس لا يفوتون قراءة زاوية الحظ في الصحف اليومية او الاسبوعية او المتخصصة. كما ان الكثيرين يتابعون برامج التنبؤات وقراءة الابراج وغير ذلك.

وبالتأكيد ، فان اعتقاد الانسان بوجود قوى خارقة يؤثر على حياته وقد كان هذا هو السائد في الماضي قبل مرحلة نزول الرسالات السماوية التي اكدت ان الله وحده هو الذي يعلم الغيب وما اخفى.. ومع ذلك ففي كل العصور ظل الناس يتعاملون بالسحر والشعوذة وتغيير اقدارهم من خلال التعاويذ والحجب وغير ذلك وبداعي رغبة الانسان الجامحة في التعرف على غد وما يخبئ له القدر فان غالبية الناس يعتقدون ان سوء الحظ يلازمهم او يصيبهم اكثر من الاخرين.

ولا تزال الرغبة الشديدة والقوية عند الناس في التعرف على حظهم في نهاية كل عام وبداية عام جديد بشكل خاص هي رغبة عند اكثرية الناس ولا علاقة لذلك بالتقدم الحضاري والتطور العلمي ، ففي اكثر بلدان العالم هنالك مئات بل الاف ممن يحترفون قراءة الطالع ، وقد اشارت احصائية في نهاية العام الماضي الى ان ما يصرف في فرنسا عند المبصرين هو 3,5 مليار يورو ، وهو اكثر مما يصرف في فرنسا على البحث العلمي ، اما ما يجري في المجتمع الامريكي فهو يعبر عن هوس في هذه المسألة وعلى سبيل المثال فقد نشرت مجلة تايم الامريكية ملفا قبل عشر سنوات قالت فيه ان هنالك عالما اخر موازيا يجد في استكشاف الغيب وقراءة الطالع والتعرف على الحظ وان هنالك احترافا عاليا وخياليا في هذه المسائل.

«البقية ص4»

وكما نعلم فان المجتمعات القديمة كانت تعيش على السحر وكان تفسير الحياة يعتمد على السيطرة على قوى غريبة وادعاء بعض المحترفين معرفة الغيب ثم جاءت الاديان السماوية فاعادت كل شيء للخالق سبحانه وتعالى ، ولكن السحر وقراءة الطالع لم تتوقف وان كانت قد تضاءلت وتم الحد منها في العصور الاخيرة ، ثم جاء العلم الذي اقام النهضة الحديثة على مبدأ انه لا يوجد شيء خارج حواس الانسان الخمس وقدراته ومثابرته وان الحظ هو الجَلَد والدأب والكفاءة.. الخ.

ومع ذلك وبعد الايمان بالاديان السماوية ، وما تلى ذلك من سيطرة الفكر العلمي التجريبي فان هنالك اعدادا كبيرة من البشر حتى اليوم تؤمن بالسحر ، واعدادا اكبر تحاول ان تجد تفسيرا في قراءة الحظ ، وكما هو معروف لا تخلو جريدة او مجلة في العالم من زاوية للحظ كما ان هنالك محطات تلفزيونية حول العالم مختصة في هذه المجال.

وقد انشغل الانسان في البحث عن تفسير علمي واقرب اعتقاد مقنع عقليا هو عبر القول هو ان الحظ الجيد مجموع مصادفات ايجابية وحسنة بينما الحظ السيىء هو مجموع مصادفات سلبية وسيئة ، وهنالك اشخاص تلازمهم الصدف الحسنة ومن الصعب ان نقطع ان ذلك صدفة ، كما ان اشخاصا اخرين تلازمهم صدف سيئة ويصعب كذلك القطع ان ذلك صدفة.

وفي كل الازمان والاحوال كان هنالك من يتفاءل بالايام او الارقام او الاماكن ، وهنالك قول ينسبه البعض للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) وهو "نواصي واعتاب".. وهنالك ما يتداوله الناس عن اشخاص من مواليد برج معين او يوم او سنة معينة يصادفهم جيمعا حظ جيد في ايام معينة واشهر محددة وازمنة. ولعل تلك مقاربات لها علاقة بالصدفة او مجموعة الصدف ، الا ان اغرب ما قرأت مؤخرا عن المصادفات والصدف الى حد التطابق تلك المقارنة التي اجراها باحث امريكي حول رئيسين امريكيين كان الاول هو اهم رئيس في القرن التاسع عشر وهو ابراهام لنكولن والاخر اهم رئيس في القرن العشرين وهو جون كيندي.

ويورد الباحث مجموعة مصادفات مشتركة ومتطابقة بين الرئيسين عاش كل منهما في قرن مختلف ويحيل هذه المصادفات على النحو التالي:

- ابراهام لنكولن انتخب للكونجرس عام 1846 ، وجون كيندي انتخب للكونجرس عام ,1946

- ابراهام لنكولن انتخب رئيس للولايات المتحدة عام 1860 ، وجون كيندي انتخب رئيسا للولايات المتحدة عام ,1960

- شعار الرئيسين في حملتهما الانتخابية وفي زمنهما الرئاسي هو الاهتمام بالحريات المدنية.

- زوجتا الاثنين خسرتا اطفالهما في البيت الابيض.

- الرئيسان تم اغتيالهما في يوم جمعة.

- الرئيسان تم اطلاق الرصاص عليهما بالرأس.

- سكرتيرة لينكولن اسمها كينيدي.

- سكرتيرة كيندي اسمها لنكولن.

- الرئيسان تم اغتيالهما على يد جنوبي.

- الاثنان خلفهما شخص اسمه جونسون ، اندرو جونسون كان خليفة لينكولن وولد في العام 1808 وليندون جونسون خلف كيندي وولد في العام ,1908

- جون ويلكز ببوث الذي اغتال لينكولن ولد في العام ,1939

- الاثنان اللذان اغتالا الرئيسين يعرفان باسمهما الثلاثي.

- الاثنان اللذان اغتالا الرئيسين يتكون اسمهما الثلاثي من 15 حرفا.

- لينكولن اغتيل في مسرح اسمه فورد ، وكيندي اغتيل في سيارة نوعها لينكولن وصنعتها شركة فورد.

- لينكولن اغتيل في مسرح وقاتله هرب الى مخزن واختبأ به ، وكيندي اغتيل من مخزن وقاتله اختبأ في مسرح.

- بووث الذي اغتال لينكولن واوسوالد الذي اغتال كيندي تم اغتيالهما قبل محاكمتها وقبل اسبوع من مقتل لينكولن كان في مونرولاند ، وقبل اسبوع من مقتل كيندي كان مع مارلين مونرو. (الدستور)