الجامعة الأردنية.. بحثا عن فسحة أمل

لم أكن سعيدا بخبر المشاجرة في الجامعة الأردنية، مع أن في ذلك ردا عمليا على من يعتبرون تشخيصي متشائما ومبالغا فيه بعد ظهور نتائج الانتخابات.
وعندما ضربت مثالا لما حصل مع الدكتور مصطفى الحمارنة لم يخطر ببالي أن عودته إلى مركز الدراسات ستقلب الأحوال، لكنها بالتأكيد ستقدم إشارة إيجابية. فالمركز ليس أكثر أهمية من كليات الآداب والقانون والشريعة. لكن بسبب اتصاله اليومي مع الإعلام يسهل رصد حجم الانهيار الذي حاق به. فالمركز كان مرتبطا برئيس الجامعة يصله أول تقرير عن استطلاع الرأي، ولم يكن يعرف التقارير المقيدة والمكتومة التي تقدم إلى خارج الجامعة.
من حق الحكومة والأجهزة التابعة لها أن يكون لديها موظفون يأتمرون بأمرها. لكن ليس من حقها اختراق حصانة الجامعات، حتى لو كانت تمولها بالكامل، تماما كما في القضاء والصحافة. ولم يكن مركز الدراسات في عهود استقلاليته كيانا معاديا للدولة بل على العكس، كان يخدم الدولة من خلال استقلاليته. والمركز ليس وحدة استطلاع رأي ( بهدف التحكم بالرأي العام !) كما يراد له، بل مركز بحث بالمقام الأول يستخدم الاستطلاعات أداة من أدوات البحث العلمي.
التدخل في الجامعات لم يبدأ مع مصطفى الحمارنة. في المرة الأولى حصل صراع بين مرجعيات خارج الجامعة انتهى بعودته إلى إدارة المركز. هذه المرة نشهد صراعا شبيها. والأصل أن تكون الجامعة مستقلة بمنأى عن أي صراع سياسي. معظم باحثي المركز واجهوا اعتراضات على تعيينهم. ونجحت اتصالات مصطفى في إزالة تلك الاعتراضات. ولنا أن نتخيل كم من باحث كفؤ لم يجد مكانا في الجامعات الرسمية ولم يجد من يتوسط له!
باحث مثل ارحيل الغرايبة، وهو خريج الأردنية من البكالوريوس إلى الدكتوراه، لا يجد إلى اليوم جامعة أردنية تعينه، في المقابل نجد من هم دونه يتصدرون ويعينون في أرفع المواقع، والغرايبة ليس هو الناشط السياسي النزيه المحترم فقط بل هو باحث أصَيل في المواطنة والحريات العامة بصورة غير مسبوقة وهو أحوج ما تحتاجه البلد اليوم في الجامعات والحياة العامة.
توجد الكثير من نوافذ الأمل، فالجامعة الأردنية هي جامعة الخالدين الراحلين من مصطفى الزرقا وعبدالعزيز الدوري وإحسان عباس .. والبقية الباقية من عدنان البخيت وناصر الدين الأسد وكامل العجلوني .. وليس صعبا استعادة روح الجامعة الأردنية. والخطوة الأولى هي الاستقلالية.
ممكن أن تنهض الجامعة من كبوتها، تماما كما يمكن أن تؤول إلى ما آلت إليه جامعات أعرق منها.
الجامعة الأردنية اليوم على مفترق طريق، والمأمول أن تتمكن إدارتها من اختيار طريق الاستقلالية، فهو على صعوبته، لا طريق سلامة غيره. (الغد)