ونحن نستقبل العشرية الثانية من الألفية الثالثة

تم نشره السبت 01st كانون الثّاني / يناير 2011 07:28 صباحاً
ونحن نستقبل العشرية الثانية من الألفية الثالثة
عريب الرنتاوي

فجأة ، ومن دون مقدمات ، يحتل هذا البلد العربي أو ذاك ، صدارة عناوين الأخبار ومقدمات النشرات الإخبارية: هنا مظاهرات واشتباكات على خلفية البطالة ، هناك آلاف القتلى والجرحى على خلفية الانقسام المذهبي ، وهناك حرب شوارع بين المواطنين فيما بينهم ، وبين المواطنين والدولة على خلفية "زواج مختلط" أو تغيير أحدهم أو إحداهنّ لمعتقده.

تونس اليوم في صدارة الأخبار على خلفية أحداث سيدي بو زيد ، قبلها كان اليمن في صدارة الأخبار - ولا يزال ، والأرجح أنه سيبقى - على خلفية الصراع الدامي بين السلطة والحوثيين ، وهو الصراع الذي أودى في جولته الأخيرة ، بحياة ثلاثة آلاف جندي 14و جريحا وثلاثة مليارات دولار وفقا لنائب رئيس الجمهورية ، من دون احتساب قتلى الحوثيين والمدنيين ، وبفرض ان هذه الارقام دقيقة.

لبنان على مسافة خطوة واحدة من حافة الهاوية ، والسودان على مرمى أسبوع واحد من الانفصال ، والعراق لم يلملم جراحه بعد ، ومسلسل الأزمات الدورية في البحرين لم ينته فصولا ، والمغرب بالكاد خرج من مشكلة "العيون" ليدخل في غيرها ، والحبل على الجرار.

تعددت الأسباب والنتيجة واحدة...تعددت مظاهر الاحتقان والتنفيس عنه ، لكن السبب واحد: عجز الدولة الوطنية العربية عن معالجة قضية المواطنة ، وتفاقم الاختلال في علاقة الدولة بمواطنيها.

ليست الدول والمجتمعات العربية جميعها على ذات السوية في مسألة التحول إلى ضفاف الدولة الحديثة ، وليست المشاكل التي تواجهها هذه الدول والمجتمعات على ذات القدر من التفاقم والتأزم ، لكن مع ذلك ، فإن الدول العربية ، تواجه أزمة الشرعية والهوية والمواطنة ، وتدفع ثمن الخطوط الوهمية التي تقسّم مواطنيها ، منذ خطوط سايكس بيكو وحتى الخطوط الفاصلة بين الواجهات العشائرية والطوائفية والمذهبية.

خلال العقد الأول من الألفية الثالثة ، واجه العراق والسودان واليمن والصومال ولبنان وفلسطين ، مخاطر الانقسامات والاحترابات الأهلية...ها نحن نودّع ذاك العقد بكثير من البكائيات والمراثي عن الزمن العربي الرديء...وها نحن نستقبل العشرية الثانية من الالفية الثالثة ، بـ"خرائط" متحركة ، توزّع المجتمع الواحد والدولة القطرية الواحدة إلى عدة كيانات ومكونات.

وليس مستبعدا أن نستقبل العشرية الثالثة ، بعد أن يكون عدد الدول العربية قد ناهز الثلاثين دولة ، وبعد أن تكون "القنصليات" في أربيل وجوبا والفاشر وعدن والمكلا قد تحولت إلى سفارات ، ليس مستبعداً أن نغرق خلال السنوات العشر القادمة في دوامة صراعاتنا وحروبنا الاثنية والعرقية والمذهبية والطائفية والجهوية والمناطقية...ليس مستبعداً أن نقف بعد عشر سنوات ، لنبكي على أطلال كيانات عربية "سادت ثم بادت" ، أو نبكي مثل النساء ملكاً ضيّعناه ، لم نحافظ عليه مثل الرجال ، كما قالت المرأة الأندلسية.

قبل أيام ، وفيما نحن نتحضر لوداع العام 2010 ، عدت إلى أرشيف المقالات المنشورة في هذا اليوم من كل سنة ، وعلى مدى أكثر من عشر سنوات ، لم أجد مقالا واحداً "يسر القلب" ، بكائيات ومراثي لم ينطلق أي منها من "الجحود" أو إنكار "المكتسبات" ، كما توصف في العواصم العربية ، بل هي صرخات مكتومة دون مستوى التعبير عن تهافت الحالة العربية ، وبدلالة ما كنا عليه وما انتهينا إليه.

نستقبل العشرية الثانية من الألفية الثالثة ، فيما العالم العربي يتخلف عن ركب التحولات الديمقراطية في العالم ، ولم تلحق به أية موجة من موجاتها المتلاطمة والمتعاقبة ، والتي ضربت مختلف شواطئ العالم إلا شواطئنا ، كان الله في عوننا ، وكل عام وأنتم بألف خير. (الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات