حقيقة الدعم في موازنة 2011

اكدت الحكومة على الدوام ان دعم الغاز والخبز مستمر في سنة 2011 ، لكنها لم تؤكد فيما اذا كان دعم الخزينة للسلع الحيوية سيستمر طيلة هذه السنة ام لاشهر معدودة وتحديدا بعد شهر نيسان المقبل.
في الواقع الحكومة تفكر جديا في التخلص من الدعم على بعض السلع التي ينظر بعض المسؤولين على ان دعمها من الخزينة يفيد شريحة لا تستحق الدعم والمقصود بهذا هم الوافدون العرب والاجانب والسياح والشريحة ذات الدخل المرتفع في البلد والتي لا تزيد حجمها على 5 بالمئة من عدد سكان المملكة.
قيمة الدعم الرسمي المرصود في موازنة 2011 تبلغ حوالي 500 مليون دينار موزعة على دعم الخبز والغاز والكهرباء والاعلاف (120 - 80- 140 -60 ) مليون دينار اضافة لبعض الدعم المقدم لنقل الطلاب وصندوق المعونة.
الرأي الحكومي يرى ان باستطاعة الخزينة ان تحرر اسعار تلك السلع ويتم تعويض المواطنين عن غلاء الاسعار الذي سيحدث بمبلغ محدد يعوضهم عن موجة التضخم المقبلة, مقابل ان السلع ستباع باسعارها الخالية من الدعم وبالتالي لن تدعم الخزينة المغتربين والمقيمين والوافدين والسياح.
قد يكون التفكير الحكومي وفق هذا السيناريو مفيدا للخزينة على المدى القصير لكن ستكون هناك اثار سلبية كبيرة على الاقتصاد الاردني من عدة جوانب سواء كانت على المستوى الجزئي ام الكلي.
في حال رفع الدعم, فان كابوس التضخم سيخيم على الامن المعيشي للمواطنين الذين سيكتوي معظمهم من نار ارتفاع الاسعار التي لن يضبطها اي ضابط ولا يوجد اصلا ما يحمي المستهلك في ظل الاختلالات التي تعاني منها السوق المحلية والمتمثلة في هيمنة البعض عليها.
لا شك ان رفع الدعم عن بعض السلع الرئيسية سيدفع تكلفته المواطن من عدة جوانب ابرزها ارتفاع تكاليف العمالة الوافدة التي يتجاوز عددها النصف مليون وافد من مختلف الجنسيات, الذين سيرفعون تلقائيا اجورهم مباشرة, ولن يكون هناك بديل عنهم لاننا في الاردن ورغم الملايين التي انفقتها الحكومات على التدريب المهني, الا اننا وللاسف فشلنا في تأهيل الاردنيين للانخراط في الاعمال التي تسيطر عليها العمالة الوافدة.
اما الصناعة الوطنية التي سنفرد لها حديثا خاصا في الايام القليلة المقبلة عن وضعها والعقبات التي تحول دون استمرارها, فان هناك تحديات كبيرة تلقي بظلالها على مستقبلها في حال عدم البحث عن سبل لدعمها خاصة في ظل استمرار ارتفاع اسعار الطاقة في الارتفاع, ومعروف ان الموازنة تبحث عن ازالة الدعم ولا دعم القطاعات الانناجية كما هو حاصل في دول الجوار, وهنا السؤال يقود الى حقيقة دور الموازنة في تعزيز التنمية, فالصناعة مهددة بالانقراض والموازنة هي خطة تنمية اولا واخير لا انفاقا كما يعتقد البعض.
لكن السؤال الاكثر الحاحا في هذا الشأن في حال قيام الحكومة برفع الدعم من سيضمن خفض الموازنة سينخفض? التجارب السابقة تدلل على ان الحكومات التي ازالت الدعم عن المحروقات بحجة ان العجز المالي كبير تضاعف العجز ثلاث مرات بعد ازالة الدعم عن المحروقات خاصة في الاعوام الاربعة الاخيرة.
دعم الخبز والغاز والمواد الاساسية شأن يفرض اجندته على مجلس النواب الذي يستعد لمناقشة قانون الموازنة, والمسألة بحاجة الى قراءة لمضامين الارقام الصماء في الموازنة وما تخفيه من خفايا تحتاج الى دراسة وتأن قبل الشروع في اتخاذ اي قرار وللحديث بقية.