"اللا".. الأردنية!

تم نشره الأربعاء 08 آب / أغسطس 2018 12:46 صباحاً
"اللا".. الأردنية!
محمد ابو رمان

لم يكد الأردن يخرج من معركة ديبلوماسية على خلفية قرار الإدارة الأميركية بـ"الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل"، حتى دخل في معركةٍ أخرى تتمثّل في محاولة الإدارة الأميركية إلغاء عمل وكالة الغوث الدولية (الأونروا)، عبر تخفيض، ثم إلغاء الدعم الأميركي للمنظمة، الذي كان يشكّل ما نسبته 40 % من موازنتها الكلية، الجارية والطارئة.

يكشف ذلك التقرير المهم الذي نشرته مجلة فورين بوليسي الأميركية عن خطة جاريد كوشنير (المشرف على السياسة الأميركية تجاه التسوية السلمية) تجاه الأونروا، وفيه تسريبات خطيرة عن نوايا الإدارة الحقيقية وراء هذه المواقف، وتتمثل كما جاء في التقرير بوضوح بإلغاء وضع اللاجئ الفلسطيني عن ملايين الفلسطينيين، ونسبة كبيرة منهم في الأردن.

هذه الخلاصة (والتسريبات المهمة لرسائل كوشنير الالكترونية) قالها التقرير بوضوح: تبدو إدارة ترامب مستعدةً لإعادة صياغة شروط قضية اللاجئين الفلسطينيين لصالح إسرائيل، كما فعلت في قضية رئيسة أخرى في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، عندما اعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل. بمعنى أنّ صفقة القرن يجري العمل على تنفيذها على قدم وساق، مع نفوذ الفريق النافذ في الإدارة الأميركية المسكون بمصالح إسرائيل أكثر من اليمين الإسرائيلي نفسه.

ربما هذه الوقائع هي التي دفعت برئيس الوزراء الأسبق، طاهر المصري، إلى التساؤل مستنكراً -تعليقاً على التسريبات عن موعد طرحها أو تأجيلها- ماذا تبقى من صفقة القرن؟، وهي الزبدة نفسها التي نقرأها في مقالٍ مهم آخر لروبرت فيسك (في الاندبندنت البريطانية، ترجمه الزميل علاء أبو زينة للغد أمس)، بمعنى أنّنا أمام توجه أميركي متسارع لإنهاء ملفات الحل النهائي: القدس، اللاجئون، وحتى هوية الدولة اليهودية، التي أكّدها قانون إسرائيلي أخير صادر.

الأردن كان منذ البداية مدركاً لأبعاد ما يحدث، وسارع قبل قرابة 5 أشهر إلى الإعداد لعقد مؤتمر روما لدعم الأونروا، والحصول على دعم مالي بديل عن الدعم الأميركي من الدول الغربية، وتأمين بدائل مالية تحول دون تحقيق الأجندة السياسية الكامنة وراء محاولات إلغاء الأنوروا نفسها، وأُعلن في حينها عن تعهد الدول بالتبرغ بمبلغ 100 مليون دولار، من أصل قرابة 450 تحتاجها المنظمة.

صحيح أنّ لدينا 122 ألف طالب في الأردن يدرسون في المدارس التي تدعمها الوكالة الدولية، ولدينا قرابة 7000 موظف فيها، وهو عبء كبير في حال تخلى العالم عن مسؤولياته تجاه المنظمة الدولية، في ظل الظروف الاقتصادية والمالية الحالية للأردن. لكن الأهم من كل ذلك أردنيّاً أنّ موضوع الأونروا، كما وصفه مسؤول رفيع، هو قضية أمن وطني أردني بامتياز.

ذلك ما أخبره المسؤولون الأردنيون للأميركيين بوضوح شديد، عندما عُرض على الأردن تقديم الدعم الأميركي مباشرةً لنا، بديلاً عن المنظمة الأممية، فكان الجواب: لا. فموقف الملك واضح تماماً، ويعتبر هذه القضية (الأونروا= اللاجئون) من ضمن ملفات الحل النهائي للقضية الفلسطينية، مثل القدس والحدود والسيادة والأرض، وهي قضية سياسية قبل أن تكون إنسانية أو مالية واقتصادية.

ينظر "مطبخ القرار" في عمان إلى موضوع الأونروا من هذه الزاوية الحيوية للموضوع، ويرى أنّه بقدر ما يمسّ القضية الفلسطينية فهو مرتبط أيضاً بالمعادلة الداخلية الأردنية، من أبعاد مختلفة.

للأسف يخوض الأردن معركة الأونروا، وحيداً في الجانب العربي، ويبقى السؤال: إذا كان التهديد بوقف الدعم الأميركي يصب في النهاية لصالح إسرائيل وتصفية القضية الفلسطينية، ألا يمكن للعرب في هذا الملف -في الحدّ الأدنى- أن يقولوا: نحن نقدّم البديل الكامل لدعم اللاجئين الفلسطينيين، كورقة من أوراق القوة العربية التي سنفقدها في حال تمّ تنفيذ مشروع كوشنير؟!

الغد - الاربعاء 8/8/208



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات