بالصورة : "الصحة للجميع".. بعد مرور أربعين عاما

تم نشره الأحد 07 تشرين الأوّل / أكتوبر 2018 02:40 مساءً
بالصورة : "الصحة للجميع".. بعد مرور أربعين عاما
لتحسين الصحة يحتاج القادة للقيام بما هو أكثر من مجرد بناء العيادات وتدريب الأطباء

المدينة نيوز:- قبل أربعين عاما تجمع في كزاخستان التي كانت آنذاك جزءا من الاتحاد السوفياتي السابق، آلافُ المندوبين الذين مثلوا 134 دولة لتبنّي إعلان ألما آتا. وقد ألزم هذا الاتفاق التاريخي العالَم بتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات الصحية. ولا تزال المبادئ التي أقرها في ما لا يزيد على ثلاث صفحات، تخلف تأثيرا عميقا في مجال الصحة العامة.

وتتجسد الجاذبية المستمرة لهذا الإعلان في طابعه المزدوج: فهو يشكل ميثاقا للعلوم التطبيقية، وبيانا سياسيا. وبين رسائله الأساسية: الزعامة المجتمعية المتزايدة في التخطيط الصحي، والحد من النخبوية في الطب الحديث، والتصدي للتفاوت الاجتماعي من أجل نتائج صحية أفضل.

وكانت المساهمة المركزية للإعلان متمثلة في التعبير بوضوح عن شعار "الصحة للجميع" الذي كان مقدمة للتغطية الصحية الشاملة. وقد تثبت دراسة أصول وتطور المبدأ التأسيسي وراء التغطية الصحية الشاملة كونها مفيدة في النضال المتواصل من أجل تحقيقها.

أحد أكبر الفوارق بين الحال في عام 1978 وبين الحال اليوم هو اتساع نقاط الضعف التي تعيب العمل في مجال الصحة، فقد خلق تغير المناخ والأنظمة الغذائية المتحولة فئات جديدة من المخاطر، في حين أنتج التفاوت في الثروات والاستبعاد السياسي جيوبا أعمق من الضعف. ولنتأمل هنا على سبيل المثال قضية الهجرة: من الواضح أن تسييس هذه الظاهرة القديمة يخلف عواقب وخيمة على الصحة العامة.

كما تغيرت الأسواق الصحية بشكل كبير، فاليوم تهيمن قطاعات الرعاية الصحية الخاصة السيئة التنظيم على الأسواق في دول عديدة في آسيا وأميركا اللاتينية وأفريقيا. وبينما يعمل توسيع أسواق الرعاية الصحية على توسيع الاختيارات المتاحة أمام المرضى، تتزايد الديون الشخصية أيضا.

وعلاوة على ذلك، تعمل المصالح التجارية في صناعات الأغذية والمشروبات الكحولية والتبغ على تقويض صحة الناس وتعقيد الجهود الرامية إلى الحد من ارتفاع الأمراض غير السارية (غير المعدية) مثل القلب والسكري.

من المؤسف أن المشاركة المجتمعية في التخطيط الصحي ظلت بلا تغيير تقريبا منذ عام 1978. ورغم أن الأبحاث تُظهِر تحسن الخدمات عندما يشارك الناس في التخطيط الصحي، فإن "الحوكمة التشاركية" ليست سمة شائعة في العديد من الدول النامية. فباستثناءات قليلة -أبرزها البرازيل وتايلند غالبا- تظل أنظمة الرعاية الصحية التي تركز على المشاركة المجتمعية نادرة.

اليوم تهيمن قطاعات الرعاية الصحية الخاصة السيئة التنظيم على الأسواق في دول عديدة بآسيا وأميركا اللاتينية وأفريقيا (بيكسابي)
إرث
إرث "إعلان ألما آتا" الدائم هو الإجماع على استحالة تحسين الصحة إلا من خلال مزيج من العِلم الجيد، والاقتصاد السليم، والتحرك ضد المظالم الاجتماعية. وكان هذا صحيحا في سبعينيات القرن العشرين، ولا يزال صحيحا اليوم. وينبغي للمجتمع الدولي أن يحتفل بالذكرى السنوية للإعلان بإعادة الالتزام بالقيم التي يعليها ويدعمها.

تستحق ثلاث رسائل من ألما آتا اهتماما خاصا:

أولا- لتحسين الصحة يحتاج القادة إلى القيام بما هو أكثر من مجرد بناء العيادات وتدريب الأطباء، إذ يتعين عليهم أن يعملوا أيضا على حماية البيئة، وضمان القدرة على الوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحي، وتعزيز المساواة بين الجنسين، وخلق الوظائف، وتحسين البنية الأساسية. ورغم أن هذه الأهداف واردة في أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة، فإن الأمر يتطلب التزاما أكثر جدية بالنهج الشامل الذي يدعو إليه إعلان ألما آتا.

ثانيا- لا بد من بذل المزيد من الجهد لتعزيز العلوم الصحية المتعددة التخصصات التي تتناول الأسئلة العملية والأخلاقية التي يطرحها إعلان ألما آتا. وفي هذا الشهر، تسنح إحدى الفرص لإعادة التأكيد على هذا المبدأ، عندما يجتمع نحو 2000 من أصحاب المصلحة من مختلف أنحاء العالم في ليفربول للمشاركة في الندوة العالمية الخامسة لأبحاث الأنظمة الصحية. وسيشكل إشراك صناع السياسات الحكومية، والمجتمع المدني، ووسائل الإعلام، والممولين، في رسالة "الصحة للجميع"؛ أهمية بالغة لتعزيز الأنظمة الصحية.

أخيرا- كما أوضح الإعلان، بدأت منظمات الصحة الدولية والجهات المانحة في إعادة توجيه إستراتيجياتها لتمكين القادة على المستويين المحلي والوطني. وبينما لا يزال هناك مجال للتحسن، يشغل عدد أكبر من ذي قبل من نساء ومواطني الدول النامية، مناصب بارزة في المنظمات العالمية.

لم يحقق العالم بعدُ المثلَ المعلنة عام 1978، لكننا نتحرك في الاتجاه الصحيح. والتغيير الحقيقي لا يحدث إلا بالقرب من الناس العاديين، وليس فقط في مراكز القوة العالمية. كما يمكن أن يأتي من خلال مؤسسات عامة أكثر تمثيلا، أو المزيد من العلوم ذات الصِلة، أو المزيد من العمل الاجتماعي. وفي كل هذه المجالات سيكون إعلان ألما آتا مصدرا للإلهام المستمر بكل تأكيد.

* رئيس "أنظمة الصحة العالمية"، ومستشار السياسات في التحالف من أجل أبحاث السياسة الصحية والأنظمة، والمدير المشترك السابق للبحوث والسياسات بمؤسسة الصحة العامة في الهند. (الجزيرة نت) 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات