المسؤولية والمساءلة الحكومية

تم نشره السبت 03rd تشرين الثّاني / نوفمبر 2018 12:50 صباحاً
المسؤولية والمساءلة الحكومية
د.باسم الطويسي

استقالة وزيري السياحة والتربية والتعليم مع بدء لجان التحقيق المتعددة في فاجعة البحر الميت تثير الكثير من الأسئلة حول المسؤولية والمساءلة الحكومية وحدودهما ؛ سواء عن نوعية الأخطاء التي وقعت في إدارة الأزمة وعن حدود المسؤولية القانونية والإدارية والأخلاقية التي تقع على كل منهما وحول كفاءتهما وما حققاه من إنجازات.
 فلا شك أن ثمة أخطاء مزمنة في أداء الوزارتين تراكمت وأسهمت بشكل مباشر وغير مباشر في وقوع هذه الفاجعة وهو ما نتوقع أن تصل إليه لجان التحقيق. ومن المتوقع أن ينال الأمر وزارات وجهات أخرى ، ولكن هذا لا ينتقص من كفاءة الوزيرين ولا من تاريخهما ما يجعل الاستقالات تصنف في باب الاستقالات السياسية والأخلاقية التي تحتاج البلاد أن ترسي تقاليد واضحة وراسخة لممارستها .
الخروج من الصدمة، يعني أن لا نبقى في الدوار المزمن الذي أبقى الغشاوة على العيون وأوهمنا أن المؤسسات والنخب تعمل؛ ثمة مستوى من الترهل في الصفوف الثانية والثالثة من الإدارات الحكومية حان الوقت لمساءلتها وإخضاعها للمسؤولية ، يتحمل الوزراء المسؤولية السياسية وأحيانا القانونية أيضا هذا صحيح ، لكن ثمة مستويات مترهلة في الأداء العام سهلت العبث في الرحلات المدرسية وسهلت غض النظر عن مكاتب سياحية غير مرخصة، وثمة مسؤوليات من مستوى مختلف أبقتنا إلى هذا اليوم لا نستطيع الإجابة على أسئلة أساسية ، لا ندري إلى من تعود الولاية الإدارية على منطقة مثل وادي زرقاء ماعين .
صدمة فاجعة البحر الميت تحتاج اليوم إلى البحث الجدي والحفر عن أساسات الترهل والاسترخاء الذي أصاب أركان الدولة وجعلها ثقيلة وبطيئة في الحركة والاستجابة ، لا أن نكتفي في البحث عن كبش الفداء مرة في إحالة إرث متراكم من رداءة الأداء العام إلى أخطاء ارتكبتها مدرسة ومرة بالتضحية بوزيرين فالمسألة التي قد لا تتحمل الكثير من جوانبها هذه الحكومة.
 أكبر من كل ذلك أنها أزمة كفاءة الدولة التي أصبحت موضع السؤال وسوف تصبح هذه الحكومة مدانة مثل غيرها إذا ما التقطت هذه الفاجعة لإعادة صب زيت كثيف على محركات ماكنة الدولة وبدأت بمراجعة جريئة .
تعيش الدولة الأردنية أزمة إدارة حقيقية متدحرجة؛ كل يوم يزداد حجمها وتتسع قاعدة انتشارها.
 أما نتائجها الفعلية، فقد بدأت تُلمس منذ صيف العام 2009، وعنوانها الأبرز والأكثر وضوحا هو تراجع كفاءة الدولة وتمادي حالة الاسترخاء ، حتى باتت اليوم كأنها تكتفي بمجرد إدارة هذا الاسترخاء ، على نحو ما يبدو ذلك في العديد من الوزارات والمؤسسات المستقلة، والجامعات، والدوائر الخدمية.
 وقد كانت تلك نتائج مراحل ليست بالقصيرة من تراجع الأداء العام، بينما ساهمت المقاربة السياسية في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية بعد العام 2011 في كشف هذا الضعف، حينما كان استرخاء الأداء العام شبه قرار رسمي ، ولم يلمس قرار آخر باستعادة الولاية والكفاءة .
إعادة اكتشاف قوة الدولة تتطلب اليوم رؤية جديدة، تُعنى بإعادة تعريف الإدارة العامة في سياق الأزمة الاقتصادية الراهنة . وفي ظل التوقعات القاتمة، وما ترتبه من تداعيات التنافس الشرس والتهديدات القائمة والمنتظرة، مقابل الفرص المتاحة والمتوقعة، تتطلب هذه الرؤية إعادة تعريف علاقة المواطن بالدولة، وعلاقة 
القطاع العام مع القطاع الخاص، ومنح جرعة من القوة لمنظومة فاعلة وجادة من إجراءات النزاهة واجتثاث مصادر الفساد و الترهل والاسترخاء ثم وضع مقاربة للكيفية التي يجب أن يعمل كل من التحديث والأتمتة في تحسين الأداء العام وزيادة الكفاءة وسرعة الاستجابة .
يبدو اليوم أن شروط إصلاح إداري ثوري؛ أي جريء وليس انقلابيا، يتمثل في استعادة دور القانون ونفاذه، ثم تحديث الإدارة والقدرة على الإزاحة والإحلال في النخب، وقبل ذلك توفر الإرادة السياسية الجادة لاستعادة كفاءة الدولة بالفعل.

الغد - السبت 3-11-2018


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات