الأدوار الجندرية وراديكالية الخطاب النسوي

تم نشره الأربعاء 02nd شباط / فبراير 2011 10:49 مساءً
الأدوار الجندرية وراديكالية الخطاب النسوي
د. عاطف شواشرة

إن المتتبع لحركة تطور المجتمعات عبر تاريخ البشرية يلحظ ثمة قواسم مشتركة بينها جميعا، وإحدى أهم هذه القواسم هو النظرة الدونية للمرأة القائمة على معتقدات عدة حول طبيعة المرأة التكوينية بدءا من خصوصيتها البيولوجية وانتهاءا بدورها الجندري وفق الطبقة التي تعيش فيها وتنتمي إليها.

وإذا ما أمعنا النظر في أسباب هذه النظرة الدونية للمرأة لأحترنا حول أهم الأسباب التي ساهمت في تشكيل المجتمعات الذكورية واحتلال الرجال الأدوار المجتمعية والانتاجية التي أوصلتهم إلى قيادة دفة السفينة، في حين إن المراة اقتصر دورها عبر التاريخ على الادوار الانجابية، وما يرتبط بهذا الدور من ادوار ثانوية اخرى.

ولعل الاتجاهات النظرية التي حاولت تفسير هذه الفروق، وكيف تشكلت عبر التاريخ البشري قد تراوحت بين النظريات العلمية البيولوجية، والمقاربات السيكولوجية، والرؤى الاجتماعية التاريخية، وتلتقي جميع هذه التوجهات حول افتراض واحد مشترك هو ان النساء والرجال يفترض أن يتصرفوا بطرق مختلفة ، إلا أن محور الجدل في هذه المسألة يكاد ينحصر في سؤال واحد يدور حول قيمة وحجم ما نتعلمه من حولنا، إذ تتفاوت الاتجاهات النظرية في درجة الأولوية التي يعطونها للمؤثرات الاجتماعية خلال تفسيرهم الفوارق الجندرية.

إن التكوين الجندري ينشأ نتيجة ّالأدوار التي يقوم بها كل من الجنسين وفق التعاطي الاجتماعي والحضاري من خلال القيم والدين والطبقات وهي الأدوار التي تشكلها الظروف الاجتماعية، إنّ توزيع الأدوار الجندرية يتم على أساس التصورات ونظم القيم السائدة عن كل من المرأة والرجل والناتجة عن عملية التطبيع الاجتماعي في الأسرة والمؤسسات المجتمعية الأخرى( المدرسة، وسائل الأعلام.....الخ) وتستمعل كل المجتمعات البشرية وسيلة التوزيع هذه كمبدأ للتنظيم.

تختلف الأدوار الاجتماعية من مجتمع لآخر ومن ثقافة الى أخرى، فالمجتمعات بتكوينها الثقافي والديني والحضاري تحدد عددا من المميزات على أنها خاصة بالمرأة أو خاصة بالرجل، وعددا من الأنشطة على أنها ملائمة للمرأة أو ملائمة للرجل، وكذلك عدد من القواعد التي ترسم إطار العلاقات بين النساء والرجال، وبالتالي تكون ظروف الحياة اليومية للمرأة والرجل ، والموقف النسبي لكل واحد منهما داخل مجتمعه مطوقة بأحكام الأطر والمؤسسات الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية.

وعلى الرغم من أن الخطاب النسوي اللبرالي خلال الموجتين النسويتين الاولى والثانية قد بدا معتدلا من خلال المطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة وإلغاء كافة أشكال التمييز الواقع على المرأة ومنحها حرية الانتخاب والتعليم والمساواة في فرص العمل والاجور، إلا ان الموجة الثالثة أو ما يسمى ب (ما بعد النسوية) قد فسرت دونية المرأة بتركيبة المجتمع البطريركية الابوية وعليه فإن التغيير لن يتم إلا بهدم النظام الأبوي جذريا، ولهذا فإن الخطاب الراديكالي النسوي قد بدأ ينحرف نحو مطالبات مرفوضة اخلاقيا فظهرت السحاقيات اللواتي يطالبن بالابتعاد عن عالم الرجل ويرفضن استغلال جسد المرأة من قبله وينادين بضرورة تشكيل مجتمعات خاصة بالنساء، ورفض سيطرة الأسرة التي اعتبرنها مدخلا لتكريس ضعف المرأة وأصبحت المطالبات منصبة على حق المرأة بالاجهاض ورفض الحمل حيث اعتبرن الحمل هو وسيلة اذلال المرأة، ولذلك طالبن بثورة بيولوجية تلغي الفروق بين الجنسين، وبدات الموضة الخاصة بالتعري والاباحية الجنسية والتباهي بلبس الأزياء الفاضحة ورفض كل المعايير المجتمعية التي تضع اطرا عامة ومحددة بين الرجال والنساء، وقد بدت تلك المطالبات متناقضة احيانا ولا تنطلق من منطلق فكري واضح ومحدد في أحايين أخرى.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات