60 ألأف طفل عامل في الأردن ...

تم نشره الأحد 18 تشرين الثّاني / نوفمبر 2018 08:27 مساءً
60 ألأف طفل عامل في الأردن ...
طفل عامل - تعبيرية

المدينة نيوز:-  قدم المرصد العمالي، اليوم الأحد، ورقة تقدير موقف بمناسبة اليوم العالمي للطفولة، كفرصة للوقوف على حالة عمالة الأطفال في الأردن، ومراجعة السياسات ذات العلاقة بالحد منها.
وأكد المرصد أن المؤشرات الاحصائية، تظهر أن عدد الأطفال الذين يعملون في الأردن، تضاعف خلال السنوات العشر الماضية تقريباً، ليصل إلى 60 ألفاً، بعد أن كان 33 ألفاً عام 2006.
وأوصى المرصد بإعادة النظر في السياسات الاقتصادية التي تم تطبيقها في الأردن خلال العقود الماضية، مشيراً إلى أهمية تفعيل سياسات مكافحة الفقر الذي يشكل السبب الرئيسي لهذه المشكلة، وتطوير شبكة حماية اجتماعية وإعادة النظر بسياسات الأجور.
ودعا المرصد إلى تشديد الرقابة من قبل المؤسسات الرسمية على الأماكن التي تتركز فيها عمالة الأطفال، والعمل على تطبيق القوانين التي تحظر عمل الأطفال، ووضع عقوبات رادعة بحق المخالفين وعدم الاكتفاء بدفع غرامات بسيطة، إلى جانب تفعيل الحملات التوعوية حول الآثار السلبية الناتجة عن عمل الأطفال في المدارس والأسر، وضرورة تطوير قاعدة بيانات دقيقة يتم تحديثها دورياً لعمالة الأطفال في الأردن.

وتاليا نص التصريح الصحفي : 

مقدمة

1. يأتي يوم الطفولة العالمي والذي يصادف في العشرين من تشرين الثاني من كل عام مناسبة وفرصة للوقوف على حالة عمالة الأطفال في الأردن، وفرصة لمراجعة السياسات ذات العلاقة بالحد منها. وتعد مكافحة عمال الأطفال أحد عناوين الدفاع عن حقوق الانسان. ويقصد بالأطفال حسب التعريف الذي قدمته اتفاقية حقوق الطفل المعتمدة من الأمم المتحدة عام 1989 "جميع الأشخاص الذين لم تتجاوز أعمارهم 18 عاماً". ويعد القضاء الفعلي على عمل الأطفال أحد المبادئ والحقوق الأساسية الأربعة في العمل لإعلان منظمة العمل الدولية الذي أعلنته في عام 1998، هذا الى جانب تأكيد أهداف التنمية المستدامة SDGs 2030 على أولوية مكافحة عمالة الأطفال، حيث نصت الغاية السابعة من الهدف الثامن على "اتخاذ تدابير فورية لضمان حظر واستئصال أسوأ أشكال عمل الأطفال، بما في ذلك تجنيدهم واستخدامهم كجنود، وإنهاء عمل الأطفال بجميع أشكاله بحلول عام 2025".

 

2. رغم أهمية الجهود والبرامج والمشاريع التي قامت وما تزال العديد من المؤسسات الأردنية الرسمية والعديد من المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني الأردنية والعالمية والتي تهدف الى اعادة تأهيل الأطفال العاملين واعادتهم الى مقاعد الدراسة، وتحقيق بعض النجاحات في دمج الأطفال العاملين في النظام التعليمي، الا أن مشكلة اتساع رقعة الأطفال المنخرطين في سوق العمل في تزايد مستمر. وفي هذا السياق تم تقسيم الأطفال الى شريحتين، الاولى تتمثل في الأطفال دون سن 16 عاما، ويحظر تشغيلهم بأي شكل من الأشكال، والشريحة الثانية تتمثل في الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين (16-18) عاماً، يسمح بتشغيلهم في مهن غير خطرة وغير مضرة بالصحة.

 

مؤشرات احصائية:

 

3. تتفاوت المؤشرات الاحصائية المتعلقة بعمالة الأطفال بين الأقاليم والدول، اذ تفيد مؤشرات منظمة العمل الدولية أن العدد الإجمالي للأطفال العاملين في عام 2016 يبلغ (168) مليون طفل، يعمل (85) مليون منهم في الأعمال الخطرة، وتتركز النسبة الأكبر منهم (78) مليونا تقريبا في منطقة آسيا والمحيط الهادي.

 

4. وتشير أحدث دراسة مسحية أعدتها منظمة العمل الدولية بالتعاون مع وزارة العمل ومركز الدراسات الاستراتيجية في الأردن، أن عدد الأطفال العاملين يبلغ ما يقارب 76 الفا، أما الأطفال الذي تنطبق عليهم معايير عمالة الأطفال بلغت ما يقارب 70 الفا، وأن عدد الأطفال العاملين في أعمال خطرة يقارب 45 الفا. ومعايير عمل الأطفال تتمثل في جميع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 عاما، والأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 16-17 عاما يعملون لأكثر من 26 ساعة في الأسبوع، اضافة الى الأطفال الذين تقل أعمارهم 18 عاما ويعملون في أعمال خطرة. ويقصد بالأعمال الخطرة تلك الأعمال التي تنطوي على استخدام الآلات والمعدات الخطرة واستخدام وتصنيع المتفجرات والعمل مع النار والغاز أو المواد الكيماوية والحراسة والأعمال التي تتطلب جهدا بدنيا والأعمال التي تجري في أجواء مغبرة وصاخبة والساخنة أو الباردة جدا، والعمل في المناجم وتحت الماء والعمل في الفنادق والمطاعم والنوادي والملاهي الليلية. وتفيد هذه المؤشرات الى ارتفاع عمالة الأطفال مقارنة مع المؤشرات الاحصائية قبل ما يقارب عشر سنوات، حيث بلغت (33) ألف طفل في عام 2006، والتي تشير الى أن عمالة الأطفال تضاعفت تقريبا بين الأردنيين. حيث بلغ عدد الأطفال الأردنيين من مجمل الأطفال العاملين 80% بواقع 60.8 الفا، بينما بلغ عدد الأطفال العاملين من السوريين وجنسيات أخرى 20% بواقع 15.2 الفا. وتبلغ نسبة الفتيات العاملات من مجمل الأطفال العاملين 11.7%.

 

التشريعات الوطنية

 

5. تتوائم التشريعات الوطنية في مجال عمل الأطفال بشكل كبير مع المعايير الواردة في الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة، اذ أن قانون العمل الأردني رقم (8) لسنة 1996 والتعديلات التي أجريت عليه، يحظر تشغيل الأطفال والأحداث، فقد نصت المادة (73) منه، على منع تشغيل الأحداث (الأطفال) الذين لم يكملوا السادسة عشرة من عمرهم بأي صورة من الصور، وحظرت المادة (74) من القانون ذاته تشغيل الأحداث الذين لم يكملوا الثامنة عشرة من عمرهم في الأعمال الخطرة أو المضرة بالصحة. وهذا ينسجم مع المعايير الدولية الواردة في الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بإلغاء والحد من عمالة الأطفال أهمها اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة عام 1989 ودخلت حيز التنفيذ عام 1990، الى جانب بعض اتفاقيات منظمة العمل الدولية المتمثلة في اتفاقية الحد الأدنى لسن الاستخدام رقم 138، واتفاقية حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال رقم 182، واتفاقية العمل الجبري رقم 29.

 

الأسباب

 

6. بالرغم من النصوص الواضحة في التشريعات الأردنية التي تحظر تشغيل الأطفال الذي لم يكملوا سن 16 عاما، وعدم تشغيل الأطفال ما بين سن 16-18 عاما في الأعمال الخطرة، الا أن الواقع أقوى من مختلف هذه التشريعات والسياسات. فأعداد الأطفال المنتشرين بكثرة في سوق العمل الأردني والمؤشرات الاحصائية الجديدة كفيلة بإعطاء صورة أكثر واقعية من المؤشرات الاحصائية الرسمية وغير الرسمية التي يتم تداولها بين المعنيين من صناع السياسات والباحثين والمختصين والمؤسسات الرسمية والدولية.

 

7. ويمكن تفسير الارتفاعات المتتالية في عمالة الأطفال في الأردن الى عدة أسباب منها عوامل داخلية مرتبطة ببنية وطبيعة الواقع الاجتماعي والاقتصادي في الأردن، وأسباب خارجية. حيث تفاقم التفاوت الاجتماعي وعدم المساواة، وضعف مؤشرات العدالة الاجتماعية، والتي نجمت بشكل أساسي عن تنفيذ سياسات اقتصادية لا تأخذ بعين الاعتبار النتائج والآثار الاجتماعية لهذه السياسات، والتي تركزت خلال العقود الماضية على تحرير الاقتصاد الوطني، والامعان بتنفيذ سياسات مالية تقشفية متنوعة. ما أدى على أرض الواقع الى تراجع المستويات المعيشية لقطاعات كبيرة من الأسر الأردنية والتي برزت مؤشراتها بشكل واضح في ازدياد رقعة الفقراء، فالمؤشرات الرسمية ذات العلاقة تفيد الى أن نسبة الفقر في الأردن ارتفع من 13.3% عام 2008 الى 14.4% عام 2010، واقترابها من 20% في عام 2014، (نتائج امتنعت الحكومة عن نشرها، ولكنها نشرت في خطة التحفيز الاقتصادي)، ناهيك عن نسبة "الفقراء العابرين" الذين عاشوا الفقر ثلاثة أشهر على الأقل في السنة، والتي تشير أرقام البنك الدولي الحديثة أن نسبتهم تقارب 18.6% من المجتمع. وللأسف لا يوجد مؤشرات حديثة ونحن الان في منتصف عام 2018 توضح مستويات الفقر في الأردن. والأطفال العاملين عادة ما يكونوا من أسرة فقيرة، تضطر هذه الأسر لدفع ابنائها الى سوق العمل للمساهمة في توفير دخل للأسرة، و/أو غير قادرة على الاستمرار في الانفاق على اطفالها في المدارس.

 

8. ونظرة سريعة على بعض المؤشرات الاجتماعية ذات العلاقة، توضح بما لا يدع مجال للشك أن مستويات الفقر وشروط الحياة في الوقت الحالي ضعيفة جدا، وحسب أرقام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي فإن متوسط الأجر الشهري للمشتركين فيها في عام 2017 بلغ (511) ديناراً، حيث بلغت لدى الذكور (531) دينارا شهريا، ولدى الاناث (461) دينارا شهريا، كذلك فإن ما يقارب 70 بالمائة من العاملين يحصلون على رواتب شهرية تبلغ 500 دينار أردني فما دون.

 

9. ويبدو واضحا أن مستويات الاجور المنخفضة في الأردن تلعب دورا اساسيا في زيادة عدد الأطفال العاملين. يضاف الى ذلك ارتفاع معدلات البطالة بشكل ملفت، والتي وصلت في الربع الثاني من العام الجاري 2018 الى 18.7%. يضاف الى ذلك ارتفاع معدلات التسرب من المدارس في المرحلة الأساسية، والتي تقارب (0.5%) سنويا، وفي العديد من المناطق تزيد عن1.0%، والذي يعود للعديد من الأسباب، ويساهم ذلك في انخراط الأطفال في سوق العمل.

 

آثار شخصية ومجتمعية

 

10. يتعرض الأطفال العاملون للعديد من المخاطر أثناء عملهم وأبرزها الضرر من الآلات الثقيلة والأصوات العالية والإضاءة الضعيفة والتعرض للمواد الكيميائية، ولإصابات عمل عديدة بحكم عدم موائمة قدراتهم الجسمانية وطبيعة الأعمال التي يقومون بها. ووفقا للدراسة المذكورة فإن معدل أجور الأطفال العاملين يبلغ 171 دينارا شهريا، وعند الاردنيين 174 دينارا، بينما عند السوريين 159 دينارا شهريا، أما الأجور عند الاناث فهي أعلى من الذكور، فقد بلغت 190 دينارا مقارنة ب 170 دينارا عند الذكور. وهنالك ما يقارب ثلث الأطفال العاملين يعملون أكثر من 48 ساعة اسبوعيا، بينما يعمل مايقارب 55% منهم اقل من 36 ساعة اسبوعيا. في تعمل 90% من الأطفال الاناث اقل من 36 ساعة اسبوعيا.

 

11. ويتعرض الأطفال العاملون لسوء المعاملة والاهانات النفسية والجسدية أثناء عملهم، وفي العديد من الحالات الى اعتداءات جنسية. ويعاني الأطفال العاملين من مشكلات واضطرابات نفسية واجتماعية وجسمية. كذلك فإن العاملين منهم في المهن الصعبة يتعرضون للعديد من اصابات العمل التي يمكن أن تسبب لهم بعض الإعاقات. وغالبا ما تترك الأعمال التي يمارس فيها سلوكيات استغلالية نفسية وجسدية إلى زرع الإحساس بالدونية والظلم، الأمر الذي يدفع العديد من الأطفال إلى الانحراف والتمرد على معايير وقيم المجتمع. هذا إلى جانب ارتفاع نسب العمالة غير الماهرة في سوق العمل بسبب عدم خضوعهم للتدريب الممنهج، الأمر الذي يجعل إنتاجيتهم متدنية.

 

التوصيات

 

12. هنالك ضرورة ملحة لإعادة النظر في السياسات الاقتصادية التي تم تطبيقها في الأردن خلال العقود الماضية وما زالت تطبق، وهي التي أدت الى زيادة معدلات الفقر، إذ أن أغلبية الأطفال العاملين ينتمون الى أسر فقيرة، تدفعهم حاجتهم لإخراج أطفالهم من مقاعد الدراسة، أو التساهل في تسربهم من المدارس بهدف المساهمة في توفير مداخيل اضافية تساعد هذ الأسر على تلبية حاجاتها الأساسية.

 

13. تفعيل سياسات مكافحة الفقر الذي يشكل السبب الرئيسي لهذه المشكلة، وتطوير شبكة حماية اجتماعية عادلة توفر الحياة الكريمة للفقراء بمختلف أنواعهم. واعادة النظر بسياسات الأجور باتجاه رفعها بما يتوائم مع مستويات الأسعار المرتفعة في الأردن.

 

14. تطوير العملية التربوية والتعليمية خلال المرحلة الأساسية للحد من عمليات تسرب الأطفال من مدارسهم.

 

15. ضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته تجاه اللاجئين السوريين، للحؤول دون اضطرارهم لدفع أطفالهم الى سوق العمل لمساعدة اسرهم في تغطية نفقاتهم الأساسية.

 

16. تشديد الرقابة من قبل المؤسسات الرسمية على الأماكن التي تتركز فيها عمالة الأطفال، والعمل على تطبيق القوانين التي تحظر عمل الأطفال، ووضع عقوبات رادعة لحق المخالفين وعدم الاكتفاء بدفع غرامات بسيطة، هذا إلى جانب تفعيل الحملات التوعوية حول الآثار السلبية الناتجة عن عمل الأطفال في المدارس والأسر.

 

17. ضرورة تطوير قاعدة بيانات دقيقة يتم تحديثها دوريا لعمالة الأطفال في الأردن.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات