ألفا مذكرة توقيف لا تنفذ في سجون لبنان بسبب الاكتظاظ

تم نشره الإثنين 19 تشرين الثّاني / نوفمبر 2018 08:07 مساءً
ألفا مذكرة توقيف لا تنفذ في سجون لبنان بسبب الاكتظاظ
سجن رومية المركزي

المدينة نيوز :- يضم سجن رومية المركزي 3395 نزيلاً، منهم 1026 محكوماً و2363 موقوفاً، أي ما يقدّر بنحو ضعف قدرة أكبر السجون اللبنانية، بحسب ما يقول مصدر مسؤول في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي اللبناني لـ«الشرق الأوسط».

ويشكّل هذا السجن الواقع شرق بيروت نموذجاً للسجون اللبنانية ومشكلة الاكتظاظ التي تعاني منها، ما يعيق في الوقت نفسه إمكانية تنفيذ مئات مذكرات التوقيف مع تسجيل ارتفاع في نسبة الجرائم في لبنان.

ويتوزّع نزلاء سجن روميه، بحسب المصدر على مبنى المحكومين ومبنى الموقوفين ومبنى الأحداث ومبنى الخصوصيات الأمنية، وهو يؤوي النزلاء الخطرين الذين يهددون أمن الدولة والسلم الأهلي، أي الإسلاميين. ويتطلب احتجازهم إجراءات أكبر وأدق من الإجراءات التي تتخذ للمرتكبين الآخرين من جرائم وجنح.

ومع تأكيد المصدر أن الاكتظاظ علة العلل في سجن روميه وأن السبب هو التوقيف الاحتياطي بانتظار المحاكمات، يلفت الخبير في القانون الدستوري والحريات العامة، المحامي ربيع الشاعر، إلى 5 أسباب أخرى؛ متمثلة بمشكلة السجون اللبنانية غير المؤهلة وغير المستوفاة للمواصفات الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان. ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه الأسباب متعلقة بنسب الجريمة وعدد قوى الأمن وتلكؤ المحامين ونقص عدد القضاة في لبنان، قياساً إلى حجم الجرائم المطلوب الحكم فيها، وقانون أصول المحاكمات الجزائية الذي يحتاج إلى تعديلات تعصرنه».

والجولة الميدانية «المحدودة» داخل السجن بناء على الالتزام الدقيق بالتعليمات، وفق ما يسمح به إذن النيابة العامة، لا تخفي جهود ضباط قوى الأمن الداخلي الموكلين بالعمل في هذا المكان وعلى رأسهم قيادة سرية السجون. إلا أن تفاقم الأوضاع يفوق قدرتهم على معالجة المشكلات التي تواجههم.

وفي السجن 1814 لبنانياً، و970 سورياً، و317 فلسطينياً، و26 مصرياً، و71 من مكتومي القيد و14 عراقياً، والباقون من جنسيات مختلفة، بينهم إيرانيان وروسي وسويدي.

ويوضح المسؤول أن «السجون ليست تابعة لنا. بل أسندت مسؤوليتها إلينا مؤقتاً نتيجة الضعف في وزارة العدل المولجة فعلياً بهذا المرفق الحساس. والمؤقت لا يزال مستمراً. وبالتالي الحلقة المفقودة هي في عدم تسلم القضاة إدارة السجن، أما عن القوى الأمنية في السجن، فهي من أصحاب خبرة عملية اكتسبوها على مدى سنوات، بالإضافة إلى التحاقهم بدورات تدريبية تتم بالتعاون مع جمعيات أهلية تعنى بهذا الشأن أو عبر دورات تنظمها المنظمات الدولية المختصة. ونحن نفتح لهذه الجمعيات والمنظمات مجال التعاون، فمكتب حقوق الإنسان في داخل السجن وهم فعالون».

ويرفض المسؤول التعميم واتهام الحراس بأنهم «سجانون جلادون». يقول إن «قوى الأمن الداخلي تهتم بتدريب وإعداد الشرطة المجتمعية. بدأ المشروع ووضع على السكة. وانطلق. ومن يلتحق بهذا التدريب تصبح لديه رغبة عميقة بالخدمة العامة والمساعدة».

ويوضح الشاعر أن «نسب الجريمة في لبنان تزيد بشكل مخيف بسبب ضعف أجهزة الدولة وغياب الاستقرار السياسي وتردي الوضع الاقتصادي الذي أدى إلى ارتفاع لافت في أعداد الموقوفين بجرم إصدار شيكات من دون رصيد. كما أن نسبة الجريمة ارتفعت مع تزايد عدد المقيمين، لا سيما اللاجئين السوريين والعمال الأجانب الذين يواجهون مشكلة في ترحيلهم إلى بلادهم، ما يطيل فترات توقيفهم من دون وجه حق. هذا ما دفع إلى وجود نحو ألفي مذكرة توقيف، لا يصار إلى تنفيذها لأن لا أماكن لهم في السجون بسبب الاكتظاظ الشديد فيها»,وفق الشرق الاوسط .

ويضيف: «على الرغم من مضاعفة كثيرها في السنوات الماضية، فإن قوى الأمن الداخلي لم تخصص العدد الكافي لسرية حماية السجون ولا الحوافز أو التدريب الملائم لقيام أفرادها بمهامهم كاملة. كما تواجه محاكمة الموقوفين عقبات في سوقهم من السجن إلى المحكمة، وذلك لعدم توفر الآليات اللازمة لذلك أو العناصر المخصصة من القوى الأمنية، حيث يساق أحياناً 70 موقوفاً بحراسة 6 عناصر أمن فقط».

ومن أسباب أزمة التوقيف الاحتياطي، يشير الشاعر إلى «تلكؤ بعض المحامين، ممن يماطلون ويطيلون في عمر الدعوى لتحصيل مزيد من المال من موكليهم، والبعض الآخر عن قلة خبرة، ما يطيل فترات الإيقاف من دون سبب وجيه».

ويتحمل النظام القضائي أيضاً بعضاً من المسؤولية في اكتظاظ السجون وتردي حالها وتزايد عدد الموقوفين. ففي لبنان نحو 550 قاضياً، والحاجة تتطلب وجود ألف قاضٍ، لا سيما أن 150 من القضاة يعملون محامين عامين وليسوا قضاة حكم. هذا يؤدي إلى تكاثر عدد الدعاوى الموكولة لكل قاضٍ، حيث عليه أحياناً أن ينظر في أكثر من 70 قضية في اليوم الواحد، من دون إغفال النقص الكبير في تجهيزات المحاكم. كما أن البطء في البت في الدعاوى لدى بعض القضاة وغياب المحاسبة الفاعلة يؤديان إلى وهن في العدالة، وحده السجين أو الموقوف يدفع ثمنه. وعلى الرغم من نص القانون على واجب النائب العام التمييزي في القيام بزيارات دورية للسجون للاطلاع على أوضاعها ورفع تقارير بهذا الشأن، فإن الأمر لا يتم بشكل جدي. وإن حصل وتمت هذه الزيارات، فإنها لا تلقى متابعة من السلطة السياسية الممثلة بوزير العدل ولا تحظى بأولوياته.

ويعتبر الشاعر أن «معالجة واقع السجون في لبنان دونها غياب القرار السياسي القاضي بوضع رؤية مدعومة بالإرادة. والخطوة الأولى للتعامل مع هذا الملف تقضي بتنفيذ القرار الاستراتيجي الذي وضع السجون في عهدة وزارة العدل، وعدم إبقائها عبئاً على قوى الأمن الداخلي. فعلى وزارة العدل إدارة السجون وتأهيل وإصلاح المساجين بينما توكل لوزارة الداخلية حراسة السجون من الخارج. ويجب أن تقترن هذه الخطوة بقرار إنشاء معهد للتدريب على إدارة السجون، والتدريب يجب أن يبقى متواصلاً ومستمراً في عدة اختصاصات؛ منها التأهيل النفسي والاجتماعي والرياضة والحرفيات وتطوير المهارات وما إلى ذلك».

ويشدد الشاعر على «ضرورة تعديل مواد من قانون أصول المحاكمات الجزائية وتقصير فترة التوقيف لجرائم الجنح ووضع سقف زمني مقبول للتوقيف في جرائم القتل والمخدرات والجرائم الواقعة على أمن الدولة، بدلاً من إبقائه مفتوحاً كما الحال اليوم، وتفعيل اتفاقيات الترحيل للأجانب واعتماد مبدأ التبليغ الإلكتروني وزيادة عدد القضاة والإسراع في إصدار الإحكام. كذلك يجب إرساء سياسة علمية لمكافحة الجريمة من خلال وضع استراتيجية عامة تطول كثيراً من الوزارات والقطاعات. ما يقضي أيضاً اعتماد المكننة في المخافر والمحاكم وتفعيل المحاسبة والإحصاءات ووضع الدراسات وتنفيذها لإرساء سياسات استباقية تحد من الجريمة».

ويورد الشاعر أن «أحد مخافر رأس بيروت اعتمد المكننة ومبدأ الشرطة الاجتماعية، فتدنى مستوى الجريمة في نطاق عمل المخفر بنسبة 50 في المائة خلال عام واحد. ولكن للأسف بدل أن تعمم هذه التجربة على بقية المخافر حورب عناصر هذا المخفر من بعض المتنفذين المستفيدين من الرشى والفساد وتفشي الجريمة».



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات