هل يوجد اقتصاد بديل ؟

تم نشره الإثنين 26 تشرين الثّاني / نوفمبر 2018 01:06 صباحاً
هل يوجد اقتصاد بديل ؟
جميل النمري

إلى جانب خفض العجز واحتواء المديونية بحدودها الراهنة فإن الهدف المطروح على الاقتصاد الأردني اليوم هو تجاوز الركود واستئناف النمو بمعدلات أعلى .
لكن قبل العام 2009 حققنا لبضع سنوات نسب نمو وصلت إلى 7 % فكيف نتذكر تلك الأيام ؟ لا تختلف كثيرا عن حالنا اليوم. هذا مع أن العودة إلى نسب نمو بهذا الارتفاع والتي يفترضون أنها ضرورية لخفض العجز وتغطية الأقساط السنوية للديون وخفض نسب البطالة يبدو حلما بعيد المنال وهو وفق الآليات التقليدية مثل جذب الاستثمارات والتوسع في الاستهلاك والتصدير يحتاج إلى تدفق أموال بنسب لا تبدو متاحة في المستقبل. وعليه فالسؤال عن الاقتصاد البديل ليس سؤالا نظريا يخص نمط الاقتصاد الرأسمالي السائد في زمننا بشكل عام بل يخاطب بلدنا ومجتمعنا بصورة خاصة. وعندما ننظر إلى التحديات التي تواجهنا كبلد يفتقر للثروات الطبيعية ومصادر المال فمن الواجب التوقف والتفكير ما هو الشيء المبدع والمبتكر والمختلف عما هو سائد من فرضيات وأنماط موجودة.
في العالم اليوم يقتصر الصراع على نهجين ضاقت الفروقات بينهما إلى أضيق الحدود كما هو الحال تقريبا بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري الأميركي أو بين أحزاب يمين الوسط ويسار الوسط في أوروبا وهو ما أنتج القوى الانتخابية الشعبوية الجديدة التي تقدم خطابا شعبويا مراوغا يخاطب الغرائز الأنانية والمشاعر الرائجة مثل الكراهية للأجانب والمهاجرين لكنه في حقيقته يقف على يمين الأحزاب الوسطية واليمينية التقليدية التي تتميز عن قوى يسار الوسط بالاتجاه لتقليص تدخل الدولة وتقليص الخدمات العامة والرعاية للفئات الأضعف وتقليص الضرائب على الدخول والأرباح.
لكن الاتجاه الشعبوي الجديد لا يطرح أي برنامج اقتصادي بديل ولا يملك أجوبة على التحديات الحقيقية وإلى الأمام قليلا سنجد أنه لا يقدم مشروعا مختلفا.
اعتماد أرقام النمو وفق المعايير السائدة كان دائما محل نقد من اقتصاديين يرون أنه مضلل ويعكس فقط نمو الأعمال وليس التنمية البشرية وتحسين مستوى و " نمط " معيشة الناس. صحيح أن الزيادة في النمو تعكس زيادة حجم الاستهلاك والانتاج للسلع والخدمات لكن ليس بالضرورة أن تعكس تقدما في مستوى ونوعية الحياة بشكل عام ناهيك عن توزيع الدخول وتحسن بيئة ونوعية العمل لكن لم يتم التوصل حتى اليوم في الحسابات الاقتصادية الإجمالية أو في ما يطلق عليه الاقتصاد الكلي إلى نظام بديل، مع أن أنواعا أخرى من المؤشرات والإحصائيات تعتمدها الأمم المتحدة ومؤسسات أخرى ظهرت مثل مؤشر التنمية البشرية وآخرها مؤشر " السعادة ".
الفكرة التي تلح في هذا المقام هي هل ينبغي أن نستمر باللهاث وراء الأساليب التقليدية لتحفيز النمو وما هو النمو الذي نتوقعه اذا نظرنا من زاوية أخرى غير الزيادة الكمية في حجم الأعمال.
لو جمعنا كمية السلع من كل نوع في السوق لوجدنا أنها تفيض عن الحاجة الضرورية والفعلية أضعافا وتكفي لسنوات قادمة، لكن أن نتوقف لسنة عن الانتاج والاستهلاك والبيع يعني كارثة اقتصادية وتوقف مداخيل الجميع دولة وأفرادا بمعنى أننا يجب أن نمارس الهدر في الموارد لاستمرار عجلة الاقتصاد وهذا حتى لاقتصاد ضعيف الانتاجية مثل الاقتصاد الأردني ، اقتصاد يوجد فيه اليوم 300 ألف عاطل عن العمل مقابل مليون وافد في السوق ، اقتصاد يأتيه من أبنائه العاملين في الخارج 2 مليار 600 مليون دينار لكن يخرج منه على يد الوافدين مليار و 800 مليون.
ولا حاجة للاستطراد في توصيف الاختلالات التي تمثل تحديات قد لا يكون ممكنا مواجهتها هي أيضا بالوسائل التقليدية مثل تلك التي تقول أن خلق وظيفة إضافية جديدة تحتاج الى استثمار 100 ألف دينار. هي على كل حال دعوة للتأمل والتفكير وللحديث صلة.

الغد  - الاثنين 26-11-2018



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات