مستشفى الزرقاء... معايير جودة عالية توثقها خدمات عصرية
المدينة نيوز- بركات الزيود-: دفعتْ معاييرُ الاعتماد الصحي، مستشفى الزرقاء الحكومي إلى التحول من مشفى يواجهُ سيلا من الانتقادات، إلى منافسٍ كبير ترتيبًا ونظافة وجودة في الخدمة ودرجة رضا متلقي الخدمة التي وصلت الى 95 بالمئة حسب محكمين محايدين. وبعد منح المستشفى شهادة الاعتماد الصحي للمرة الثانية على التوالي، تتبعت وكالة الانباء الأردنية (بترا) هذا الاعتماد، ومقارنته على أرض الواقع، وقامت بزيارات متكررة ومراقبة تطبيق المعايير الخاصة بالاعتماد في المستشفى الذي يقع شرق محافظة الزرقاء، حيث بدأت الخدمة في مبناه الجديد في 28 كانون الثاني 2015. وكان لاجتياز المستشفى 346 معيارا من معايير الاعتماد التي يُشرف عليها مجلس اعتماد المؤسسات الصحية هذا العام، الأثر البالغ في توفير خدمة علاجية ملائمة ومتطابقة دون تعريض متلقي ومقدّمي الخدمة للمخاطر، وهو ما لمسه وعايشه عن قرب متلقو الخدمة في قسم الاسعاف والطوارئ بالمستشفى، والذين أكدوا ان "الأمور مختلفة جدا، فقبل هذا كانت الخدمة سيئة جدا وأشبه بالفوضى، وتشعر أن هذا المستشفى الجديد لا يقدّم المطلوب منه تجاه المراجعين". خالد أحد المراجعين يقول إنه "جاء إلى قسم الطوارئ، وهناك تم تحويله الى الغرفة الاولى لتحديد حالته وخطورتها، ثم تحديد الطبيب حيث شعرت بتغير كبير في الخدمة، وكل غرفة يتوفر بها عدد من الأطباء المختصين لا أطباء عامين"، في إشارة الى تطور في الإجراءات. أما معيار النظافة فهو ليس محل جدل فقط بل هو حالة صراع دائم بين المنتَج والمخرجات وبين طبيعة التعامل مع الخدمة المقدمة؛ فالخصوصية العالية التي اولاها المستشفى لهذا المحور من العدل أن يقال فيها "ليس من سمع كمن رأى"، وقد حاول معد التحقيق الدخول الى غرفة العناية الحثيثة، الا ان الأبواب الإلكترونية التي لا تفتح الا للمختصين اضطرنا للحصول على إذن بالدخول، وهناك تعلن النظافة عالية المستوى عن نفسها، إلا أن ذلك لم يمنع رجلا طاعنا بالسن في مشهد آخر في قسم البطني من التذمر لدى مدير المستشفى مما وصفه بـ "حجم البعوض في غرفته"، وعند دخول الغرفة كانت المفاجأة: طعام أدخله الزوار لغرفة المريض، وشبابيك مفتوحة على مصاريعها وتدخين بطرق غير حضارية.
وهناك أيضا، عبث بجدران المستشفى وتلويثها بكتابات خطها مراجعون غير آبهين بما يفعلون، وهناك أيضا تخريب لعلب المعقمات المعلقة والمغاسل في بعض الاقسام وثقتها كاميرات المتابعة والمراقبة وحول المسؤولين عنها للجهات المختصة، والأهم أن إدارة المستشفى تعيد في كل مرة تأهيل الجدران والأرضيات والاكسسوارات التي تعرضت للعبث الى ما كانت عليه سابقا بل وبصورة أكثر جمالا. وفي مشهد حضاري آخر، أخذ المستشفى بالحسبان استحداث غرف انتظار عصرية للزوار والمرافقين في كل قسم بدل التجمع في غرف المرضى تتوفر فيها كل أسباب الراحة وتخفف عن المريض جلبة الزوار والضوضاء، وكذلك لرفع الإحراج عن الزوار عند زيارة الطبيب للمريض لإجراء الفحوصات والمعاينة، وفي مشهد حضاري آخر هناك نظام آلي للدور تم تطبيقه في العيادات الخارجية، وكان من شأنه حل كثير من الاشكاليات الكبيرة وساهم بإنهاء حالة الفوضى والدخول الى الأطباء بحسب مدير المستشفى الدكتور عبد الرزاق الخشمان، الذي يلفت الى أنه تم استثناء حالات كثيرة من نظام الدور الآلي خاصة كبار السن ومن يعانون ظروفا استثنائية، ولذلك تم استحداث وحدة بلباس محدد في كل عيادة تسمى وحدة خدمة الجمهور لتسهيل تقديم الخدمة لهذه الفئة من المراجعين.
ويوضح الخشمان، "عند وصول المريض الى المستشفى بحالة طارئة يتم تحديد الحالات عبر إضاءة بألوان حسب درجة الخطورة، كما تم انشاء نظام صوتي للنداء وعبر رموز يفهمها الكادر الطبي، فحالات حرجة لها رمز يتم توجه الأطباء الى غرف العمليات بالسرعة القصوى"، مشيرا الى أن المستشفى مركزي ويخدم محافظة الزرقاء ومحافظات الجوار، وتتوفر به الاختصاصات كافة، ويقدم الخدمة بطريقة علمية وحضارية، ويطبق أعلى معايير السلامة والجودة للمريض ولكل العاملين فيه. و "المشاهد السلبية التي كانت سائدة قبل فترة من الزمن لم تعد تتكرر"، يقول محمد سلامة، الذي أسعف أخاه بعد تعرضه لحادث سير، قائلا "لم يعد المريض بحاجة الى من يحمله من ذويه الى غرفة التصوير أو من يرفعه على الجهاز فالكادر الطبي والتمريضي أخذ على عاتقه هذه المهمة "، ومع ذلك فإن "التذمر والشكوى حول الخدمات الصحية، وكفاءة الأطباء، وارتكاب الأخطاء الطبية"، لا ينفيها مدير المستشفى لكنه يقول إن "أي حالة يتم تقديم شكوى بها يتم تشكيل لجان من وزارة الصحة والمستشفى ويتم تقديم إجابة وافية لذلك ومعالجة الخطأ ومحاسبة المتسبب به إن وجد". وخارج أوقات الزيارة يستحيل دخول أحد بسبب النظام الإلكتروني، وقد تقع حالات فردية يتم التعامل معها بالقانون، وهذا ساهم بتوفير الراحة والاستقرار للمرضى والقائمين على الخدمة، لكن الثقافة السائدة تحول أحيانا دون تطبيق عدد من الإجراءات الطبية، حيث يتم التعامل معها بحذر، ومن هذه السلوكات على سبيل المثال الدخول بأعداد كبيرة مع المريض خاصة في قسم الاسعاف والطوارئ، واصطحاب الطعام للمرضى، كما يشير أحد الأطباء.
ويشير هذا الطبيب الى تطوير آليات التعامل مع المراجعين لاحتواء غضبهم الناجم عن الألم، موضحا أن هذه المهنة تتعامل مع الألم بأنواعه كافة. وإضافة الى هذا وذاك، فقد حصل المستشفى على رخصة اعتماد تصوير الثدي في 15 تشرين الاول الماضي، بهدف ضمان خدمات تصوير الثدي بجودة عالية وتعزيز جودة الفحص الاشعاعي، حيث حقق 100 بالمئة في تطبيق المعايير الأساسية والجوهرية والمتقدمة. كما حقق الأهداف الوطنية الخاصة بالتقرحات السريرية ونقل الدم الآمن والتهاب الموضع الجراحي والبيئة الخالية من التدخين وتصنيف المرضى وتحسين التواصل مع مقدّمي الرعاية الصحية للأعوام 2015 – 2017.
وكان المتسوق الخفي هو أحد أساليب التحقق من تطبيق معايير الاعتماد بحسب مدير المستشفى، مشيرا الى ان هناك جهة خارجية تقوم بتطبيق استبانات تقييم للخدمة ولا يتدخل بعملها احد، في وقت تشير أرقام المستشفى إلى أن أعداد المراجعين اليومي تصل الى 1200 مراجع للعيادات الخارجية، و 1100 للإسعاف والطوارئ، فيما تضم المستشفى 650 سريرا، و14 غرفة عمليات، وتم استحداث 10 غرف للدرجات العليا تحصل على نفس الخدمة العلاجية، وتأمين خدمات إضافية حسب درجة التأمين. وضمن مساعيه للتحول الى مستشفى جامعي، تشير أرقامه الى تدريب عدد كبير من طلبة كلية الطب والمهن الطبية المساعدة في الجامعة الهاشمية والزرقاء الأهلية وآل البيت وكليات المجتمع العربي.
وكان مجلس اعتماد المؤسسات الصحية اختبر 57 معيارا أساسيا لدى مستشفى الزرقاء الحكومي وهي المعايير التي تتناول القوانين والأنظمة التي قد يؤدي عدم استيفائها إلى وفاة المرضى او الزائرين أو العاملين أو إلحاق الضرر بهم، كما اختبر 256 معيارا جوهريا تناولت النظم والعمليات والسياسات والإجراءات المهمة لرعاية المرضى، وفحص 33 معيارا متقدما تتعلق بمعايير يصعب تطبيقها بسبب القيود التي تفرضها الموارد والوقت أو الحاجة لتغيير الثقافة.
