النهضة المرجوة

تم نشره الإثنين 10 كانون الأوّل / ديسمبر 2018 01:06 صباحاً
النهضة المرجوة
د.صبري ربيحات

لم تمنع الأمطار وسوء الأحوال الجوية المئات من الشباب والنساء والكهول من الخروج للشارع للاحتجاج على الحكومة والهتاف ضد الضرائب والاسعار والمديونية والفساد ونهج الادارة وتأخر جلب ومحاسبة المطلوبين في قضايا الفساد المعلنة.
الهتافات التي تتغير من لحظة لأخرى ومع كل مرة يصعد احدهم على اكتاف الجمهور تشير الى عفوية الاعتصامات واحتمالية تطورها في اتجاهات أخرى. بالرغم من تباين الهتافات والمطالب إلا أن استمرار خروج الناس وتعدد الشرائح المشاركة وانضمام فئات كبار السن لجمهور الدوار ظاهرة جديدة يصعب تجاهلها او التقليل من اهميتها ودلالاتها.
تكرار المظاهرات وثبات اساليب التعاطي والمعالجة الحكومية تعبيرات واضحة عن عمق الأزمة وتدهور مستوى الثقة بين المؤسسات التي تدير الشأن العام والشارع الاردني. التشكيك والاتهامات المتبادلة لا معنى لها ولا تخدم الأمن والاستقرار الذي يشكل أولوية قصوى لدى الأردنيين كافة.
الملفت للجميع انضباط الشارع وعقلانية الأجهزة الأمنية فحتى اليوم لم يسجل على أي من المشاركين التسبب في إتلاف الممتلكات أو التعدي على الحريات أو ارتكاب أي من الافعال التي يرتكبها المتظاهرون في فرنسا وبلجيكا وغيرهما من بلدان العالم. الشباب الاردني محب للوطن وملتزم بثوابته وحريص على استقراره وطامح للتغيير الإيجابي. على الجانب الآخر تبدو الحكومات مرتبكة في خطابها وخياراتها وأولوياتها فالفرصة مواتية لطرح مشروعات إصلاحية كبرى تسهم في بناء أردن جديد يحلم به الجميع ويشارك فيها الشباب. العديد من الافكار التي تطرحها الحكومة سرعان ما تختفي دون معرفة الأسباب. قبل أشهر قال رئيس الوزراء أمام مجلس النواب بأنه سيوجه المدارس للمشاركة في قطاف الزيتون ليأتي الموسم دون أن تظهر المدارس. وقبل أيام ظهرت فكرة العودة إلى خدمة العلم وسط شروحات متناقضة لطبيعة الفكرة وغاياتها وجمهورها وفيما اذا كانت الإناث جزءا من المشروع وغيرها من التسريبات.
ما تقوم به الحكومة ليس جديدا فخلال العقود الماضية تبنى الأردن عددا من الشعارات التي اتخذت عناوين للمراحل دون أن تترك أثرا ملموسا على الواقع الأردني أو تحدث الفرق الذي نتطلع إليه. اليوم ومع دخول الدولة للمئوية الثانية فلا أظن أن أحدا في الأردن لا يتمنى انتقال البلاد الى مكانة متقدمة بين دول العالم فهي تمتلك الكثير من المؤهلات والاستعدادات التي تحتاج الى عزيمة وإصرار وإرادة.
الكثير من الأردنيين يرقبون تحقق النهضة التي وعد بها الرئيس عند تشكيل الحكومة وقد تنامى أملهم عندما قدم تصوراته الأولية لها في محاضرته الشهيرة في الجامعة الأردنية. حتى اللحظة لا يوجد او لا يعرف الناس بوجود خطة للنهضة الوطنية الموعودة وجلهم يتطلع الى الوقوف على ملامحها والتعرف على مجالاتها وأهدافها وأولوياتها ووسائلها ويتساءلون عن الادوار المتوقعة لهم في تنفيذها والصورة التي سيكون عليها الاردن بعد عام او عامين من المباشرة بتنفيذها.
من المؤسف أن لا أثر لخطة النهوض الموعودة في موازنة الدولة للعام القادم كما لم يظهر في أدبيات وسلوك الحكومة ما يوحي بوجود مثل هذه الخطة. باستثناء ما قاله الرئيس في معرض التسويق لقانون الضريبة والحديث عن ثلاثة مسارات للاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي على هيئة قوة الدولة ودورة الاقتصاد والتكافل الاجتماعي لا يبدو ان احدا من الفريق الحكومي بصورة ما يرمي له الرئيس ولا أثر لوجود فرق تعمل على تطوير المفاهيم وبناء التصور لما يترجم النوايا الى افعال.
النوايا والوعود لا تصنع مستقبلا والاسراف في نسج الخطابات والشعارات وبرامج العلاقات العامة لا تفيد إلا إذا كانت تتحدث وتعكس إنجازات على الأرض.

الغد - الاحد 9-12-2018



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات