الفساد بين الحقيقة والواقع

تم نشره الأربعاء 26 كانون الأوّل / ديسمبر 2018 12:50 صباحاً
الفساد بين الحقيقة والواقع
نزيه القسوس

نتحدث كثيرا عن الفساد وقد لا يخلو مجلس من الحديث في هذا الشأن وفي معظم الأحيان يصر الكل على أن الفساد مستشر في كل مكان وبأنه لا توجد محاسبة أبدا، فالفاسدون يسرحون ويمرحون ويمارسون فسادهم وإفسادهم تحت سمع وبصر كل المسؤولين.
قد يكون حديث الناس هذا صحيحا لكنه غير موثق ولا يستند إلى أي وقائع لأن الذي يريد أن يمارس الفساد يجد طرقا عديدة لهذه الممارسة ولا يمارسه أمام الناس ، فالذي يقبض رشوات مالية كبيرة من بعض أصحاب المصالح لا يقبضها في الشارع والذي يقبض عمولات على شراء أشياء معينة لا يقبضها أمام الناس والعطاء الذي يحال على شخص ما يحال بالطرق القانونية وبالأسعار التي تتفق عليها اللجنة أما ماذا يحدث في الخفاء فلا أحد يعرف عنه شيئا.
في دراسة أجريت على تسعة وستين ألف شخص في عدد من الدول من بينها أربع دول عربية وجه سؤال يقول : هل تعتقد بأن هناك فسادا فكانت نسبة الإجابة بنعم ثمانين بالمئة ولكن عندما وجه سؤال آخر يقول : هل دفعت أنت رشوة لأحد من الناس فكانت نسبة الذين أجابوا بنعم سبعة بالمئة فقط ، ثم وجه سؤال ثالث يقول : هل تعرف أنت أناسا قاموا بالرشوة فكانت نسبة الإجابة بنعم عشرين بالمئة فقط.
هذه الدراسة الجادة والمتخصصة والتي أجريت على عينة كبيرة في عدد من الدول أظهرت أن الفساد هو مجرد شائعة فقط ولكن هذه الشائعات لا تعني أنه لا يوجد فساد بل على العكس من ذلك فقد يكون الفساد مستشريا في بعض الدول خصوصا الدول الفقيرة والتي يعتبر دخل الفرد متدنيا فيها لكن لا توجد إثباتات مادية يعرفها الناس بشكل مباشر حتى بعض الذين حولوا للقضاء للإشتباه بأنهم كانوا يمارسون الفساد كانت النسبة الأكبر منهم تبرأ لأن الإثباتات المادية غير كافية أبدا.
في موضوع الفساد هناك شواهد يعتمد عليها الناس في إصدار أحكامهم وإتهام البعض بممارسة الفساد وهذه الشواهد قد تكون صحيحة ولها دلالات كأن يلاحظ الناس أن فلانا صاحب الراتب المحدود بدأت تظهر عليه علامات الثراء أو أن فلانا آخر إشترى بيتا مرتفع الثمن ودخله لا يسمح له بشراء مثل هذا البيت الكبير أو أن شخصا معروفا بوضعه المادي المتواضع أقام عرسا فخما لإبنه الذي تزوج أو إشترى سيارة من الأنواع الغالية وهذه الشواهد جميعها صحيحة لكن لا يستطيع أحد إثبات مصادر الدخل الأخرى التي لجأ إليها هؤلاء فيظلون يطلقون الإشاعات عنهم بدون أن تكون لديهم أية أدلة على أن هؤلاء يمارسون الفساد.
إذن الإشاعات لا تعني أن هناك دائما فساد، والفساد الحقيقي يحتاج دائما إلى إثباتات وأدلة.

الدستور - الاربعاء 26-12-2018



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات