هـروب إلى أمـام

في الوقت الذي يرتفع فيه عجـز الموازنة لسنة 2011 بعد التنازلات الأخيرة إلى حوالي 5ر1 مليار دينار ، مما يعني ارتفاع المديونيـة خلال هذه السنة بنسبة قد تصل إلى 13% إلا إذا تم شـطب معظم النفقات الرأسمالية المدرجة في مشروع الموازنة وفي المقدمة مخصصات المشاريع الكبرى. في هذا الوقت الذي يتطلب لملمة الوضع المالي ، يجري عملياً الهروب إلى أمام ومعالجة تفاقـم المديونية بالمزيد منها.
ماذا يعني تسـجيل شـركة لاستثمار القطار السريع بين عمان والزرقاء تريد من الحكومة أن تكفل وجود 100 ألف راكب يومياً ، وأن تسدد الحكومة للشركة بدل المقاعد الفارغة.
وما معنى وضع مشروع شـبكة السكك الحديدية على الطاولة الآن. مما يتطلب اقتراضاً لعـدة مليارات من الدنانير لإقامة مشـروع يحتاج للدعـم المالي الكثيف لتغطية خسائره لمدة 15 عاماً تبدأ بعد التشغيل.
ولماذا يحـدد رئيس هيئة الطاقة الذرية مواعيد قريبـة هذه السنة لإحالـة عطاء تنفيذ مشروع المفاعلات الذرية الذي من شأنه الصعود بمديونية الأردن إلى مسـتويات شـاهقة لإقامة مشروع تقـول سلطة المصادر الطبيعية ، وهي جهة الاختصاص ، أنه غير مجد بموجب تقرير رسمي وضع أمام جميع المسؤولين ، ولم ترد الهيئة عليـه ، لأنها تطبق قاعـدة عنزة ولو طارت ، وتعتقد أن خربة السـمرا تكفي لتقديم ملايين الأمتار المكعبة من الماء لتبريـد المفاعل في صحراء المفرق.
نحن الآن أمام حكومة جديدة تعطي الأولوية للأمن السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، خاصة بعد أن تغير المنظور المستقبلي للاقتصاد الأردني في الظروف الراهنة من مسـتقر إلى سـلبي ، فهل حصل أصحاب المشـاريع الثلاثة على موافقـة الحكومة الجديدة على خطواتهم التنفيذيـة لتوريطها في تلك المشاريع في وقت واحـد. وهل رد هـؤلاء على الاعتراضات المقدمة من جهات الاختصاص ، أم أن هذه المشاريع يجب أن تقوم بصرف النظر عن الإمكانيات والتحديات المالية التي يواجهها الأردن في الظروف الراهنـة وليكن ما يكون.
مثل هـذه التصرفات أسـهمت في تبديل المنظور المستقبلي للاقتصاد الوطني من مسـتقر إلى سـلبي ، وهي تهدد بالمزيد من التردي إذا لم يوضع لها حـد.(الرأي)