البدائل المالية المتاحة

يبـدو أن هناك إصراراً محموداً على أن لا يزيد عجز الموازنة عن 5% من الناتج المحلي الإجمالي، باعتبار أن هذا الرقم هو الحد الفاصل بين المسموح والممنوع، وإن تجاوزه خط أحمر ومسؤولية كبيرة لا يريد أحد أن يحملها على عاتقه تحت اسم ترحيل المشاكل للمستقبل أو شراء الوقت.
من هنا فإن وزارة المالية سوف تبحث عن كل البدائل المتاحة كي لا تضطر لإصدار ملحق يلبي التنازلات الحكومية الأخيرة التي أدت إلى تخفيض الإيرادات الضريبية وزيادة النفقـات المتكررة. وهو موقف يعني ضمناً أن صدور ملحق يظل وارداً كحل أخير، وبالتالي فإن ارتفاع العجـز فوق حد الأمان الافتراضي أمر غير مستبعد.
البدائل التي يتم البحث عنها ليست سهلة، فهي تستوجب إعادة النظر في أرقام الموازنة السنوية حتى قبل أن يبدأ العمل بها، في حين يجري حديث عن موازنات تأشيرية لسنوات قادمة، والواقع أن الموازنة السنوية أصبحت وثيقة قليلة القيمة، وغير ملزمة للحكومات التي تضعها، فهناك ملاحق تصدر خلال السنة، وأخرى تصدر بعد انتهائها لتمكين الوزارة من إصدار حساب ختامي لا يخالف قانون الموازنة.
في باب النفقات المتكررة لا يمكن الاستمرار في ضغط النفقات التشغيلية، ولا بد من شطب بعض الزوائد التي لا لزوم لها ابتـداء بإلغاء عـدة وزارات كوزارات التنمية السياسـية والمشاريع الكبرى التي تنازع الوزارات المختصة، والشؤون القانونية التي تنازع وزير العدل، والشؤون البرلمانية التي لا تحتاج أكثر من ضابط ارتباط، وشؤون مجلس الوزراء، وشؤون رئاسة الوزراء، وتطوير القطاع العام، والشؤون الإعلامية في وجود الناطق الرسمي. اكتفـاء بوزراء دولة متخصصين يقيمون في مبنى الرئاسـة.
أما في باب النفقـات الرأسـمالية فعمليات الشـطب ليست سـهلة فقط بل ضرورية أيضاً، فما معنى استملاك أراض لمنفعة مشروع لن يقوم قبل سنوات عديـدة. وما معنى رصد مبالغ طائلـة لمشروعات قابلـة للتأجيل على الأقل إلى أن تثبت جـدواها من جهة، ويتـم تدبير تمويلها من جهـة أخرى.
في الظروف الراهنة يمكن الإبقاء على المشاريع الممولـة بمنح خارجية مخصص اض هذه المشاريع بالذات، وتأجيل كافة المشاريع المنوي تمويلهـا من الموازنة التي ليس فيها مجال للتمويل الرأسـمالي طالما أنها تشـكو من العجز، وإيراداتها المحلية لا تغطي حتى نفقاتهـا الجارية.
وبانتظار البدائل التي ستوافق الحكومة والنواب عليها دون أن يرتفع عجـز الموازنة عن 5% من الناتج المحلي الإجمالـي.
(الراي)