اللغة في علاقات العراق بالعرب

تم نشره الثلاثاء 26 آذار / مارس 2019 07:18 مساءً
اللغة في علاقات العراق بالعرب
هادي جلومرعي

عبر مئات من السنين تعرض العراق الى غزوات وحروب وفتن مصدرها خارجي، وإحتلالات من دول كبرى بعيدة وقريبة كانت كلها تذهب الى سجلات التاريخ لتحفظ، لكنها لم تتمكن من قهر العراق كدولة حضارية عظيمة متفق من دول عدة على ضرورة تدميرها، وإلحاقها بدول أخرى كحديقة خلفية، أوكتابع ذليل ومستصغر لاقيمة، ولاوجود له، ولاتأثير إلا في ظل التابعية لهذا المشروع وذاك، دون تغافل إندفاع عراقيين كثر للإنغماس في مثل هذه المشاريع كموظفين أذلاء يطويهم التاريخ، ثم يعود العراق الى هيبته ووجوده وتأثيره.

لم يمارس العرب دور المحتل مع العراق كبريطانيا، أوتركيا، أوأمريكا، وغيرها من بلدان كانت تذل وتهان على الطريقة العراقية، ثم تغادرغيرمأسوف عليها، وكان العرب في الغالب مايزالون رغم غيرة بعضهم منه، ومن وجوده الحضاري الضارب في عمق التاريخ يحاولون التقرب منه، والإنتفاع من قدراته التي وصفها الأسلاف بأوصاف تليق بهذا البلد ورجالاته، فهو رمح العرب، وهو بلد الرجال الرافضين للذل والهوان والثائرين والمتمردين والناقمين على العبودية، ويكفيه فخرا أن المسلمين إختاروه كمنطلق لفتح الشرق، ونشر الإسلام في أقاصي الأرض كما إن عليا إبن أبي طالب إختاره ليكون عاصمة الدولة العربية الإسلامية في الكوفة، ثم إختاره خلفاء بني العباس ليكون عاصمة العالم التي هي بغداد.

يتحرك العراق اليوم في مساحة مفتوحة، وممكنة من العلاقات الثنائية مع دول عربية وأجنبية، وربما من المفيد التحرك أكثر نحو علاقات متعددة، ومحاورإقتصادية، والتخلص من طريقة العمل بالوكالة والتابعية، وبناء دولة مؤسسات حرة تحتفظ بعلاقات مع الجميع، ونفي كل رغبة لدى أي دولة بتحجيم تحركات بغداد، وربطها بمحورعربي، أوإقليمي يعطلها، ويمنع تحقيق مكاسب لها، وأن يكون العراق مع الجميع، وليس ضد أحد، ولاأداة بيد أحد، ومثلما يرفض الحصار على إيران فيجب أن ينفتح على دول في الخليج والمنطقة العربية عموما والغرب كذلك. فالتخلف ليس من شيمتنا، والتردي والفساد والإنهيار الإقتصادي لايليق بنا، وإذا ماإستجابت بغداد لضغوط من دول عربية، أوإقليمية لتحجيم تحركاتها وعلاقاتها بالطريقة التي تريد، فهذا يعني أنها عاصمة لبلد لاسيادة له، ولاقرار وطني مستقل، وإن من يحكمهم أشخاص موظفون ومنفذون لأجندات ويستحقون وصف العملاء.

سيكون لعامل اللغة دورمهم في ترسيخ حماية العراق من التحول الى دولة هامشية، فاللغة العربية برغم ماتعرضت له من إنتكاسات لكنها حافظت على وجودها في تمتين العلاقة مع العرب، بينما إستفاد منها غير العرب للتواصل مع الدين الإسلامي بوصفها أداة التمكين الأولى، كما إن غير العرب كشعوب ينفرون من العرب والعراقيين، ولديهم رغبة في الإحتفاظ بخصوصيتهم، ويخشون من وجود العراقيين كعامل تأثيرسلبي على نقاء الحضارة التي يحاولون الحفاظ عليها، والإنتصار بها، ولهذا فإن التواصل السياسي والإقتصادي والثقافي مع العرب يمكن أن يحقق نتائج إيجابية سريعة خاصة وإن الدول العربية المؤثرة يمكن أن تكون الواسطة بين بغداد والغرب، ويكفي ماخسرناه في الماضي، ويكفي إنتظارمالايأتي أبدا، فالعرب يهابوننا، ويحتاجون إلينا، ويمكن أن نستغلهم، وغير العرب يرون فينا أتباعا وأدوات، وينفرون منا، ولايريدون أن نؤثر في نقاء حضارتهم العظيمة كمايرونها..



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات